أَصَابَ الْمُحْرِمُ صَيْدًا حُكِمَ عَلَيْهِ بِثَمَنِهِ فَاشْتَرَى بِهِ هَدْيًا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ قُوِّمَ طَعَامًا فَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَى كُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ صَامَ لِكُلِّ صَاعٍ يَوْمَيْنِ.
وَقَدْ صَحَّ عَنْ عَطَاءٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَإِبْرَاهِيمَ غَيْرُ هَذَا، وَهُوَ أَنَّهُمْ قَالُوا: الْجَزَاءُ بِالْمِثْلِ مِنْ النَّعَمِ لَا بِالْقِيمَةِ - وَهَكَذَا رُوِّينَا عَنْ عُثْمَانَ، وَعُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَمُعَاوِيَةَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَطَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فِي ذَلِكَ.
وَكَذَلِكَ أَيْضًا عَمَّنْ ذَكَرْنَا مِنْ التَّابِعِينَ، وَعَنْ شُرَيْحٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَغَيْرِهِمْ - وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَابْنِ حَيٍّ، وَابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَغَيْرِهِمْ.
فَأَتَى أَبُو حَنِيفَةَ بِقَوْلٍ لَمْ يُسْمَعْ بِأَوْحَشَ مِنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ، وَهُوَ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ قَتَلَ صَيْدًا وَهُوَ مُحْرِمٌ فَإِنَّهُ يُقَوِّمُ الصَّيْدَ دَرَاهِمَ، ثُمَّ يَبْتَاعُ بِتِلْكَ الدَّرَاهِمِ مَا بَلَغَتْ مِنْ الْهَدْيِ وَلَا يُجْزِئُ فِي ذَلِكَ إلَّا الْجِذْعُ مِنْ الضَّأْنِ فَصَاعِدًا وَالثَّنْيُ مِنْ الْإِبِلِ، وَالْبَقَرُ، وَالْمَاعِزُ، فَصَاعِدًا.
فَإِنْ وَجَدَ بِتِلْكَ الْقِيمَةِ هَدْيَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً أَوْ أَرْبَعَةً: لَزِمَهُ أَنْ يُهْدِيَ كُلَّ ذَلِكَ - هَكَذَا يَفْعَلُ فِي الظَّبْيِ وَالنَّعَامَةِ، وَحِمَارِ الْوَحْشِ، وَالْإِبِلِ، وَالْبَقَرَةِ الْوَحْشِيَّةِ، وَالضَّبِّ، وَالْيَرْبُوعِ وَالْحَمَامَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ قِيمَةُ ذَلِكَ هَدْيًا ابْتَاعَ بِهِ طَعَامًا فَأَطْعَمَ كَمَا ذَكَرْنَا عَنْهُ قَبْلُ.
فَإِنْ قَتَلَ فِيلًا لَمْ يَتَجَاوَزْ بِالْهَدْيِ فِي جَزَائِهِ شَاةً وَاحِدَةً - وَكَذَلِكَ إنْ قَتَلَ قِرْدًا.
وَيُجْزِئُ الْخِنْزِيرُ الْبَرِّيُّ إنْ قَتَلَهُ؛ فَلَيْتَ شِعْرِي كَيْفَ يُقَوَّمُ الْخِنْزِيرُ؟ وَقَالَ صَاحِبُهُ زُفَرُ: يُقَوَّمُ الصَّيْدُ فَإِنْ بَلَغَتْ قِيمَةُ النَّعَامَةِ أَكْثَرَ مِنْ بَدَنَةٍ لَمْ يَتَجَاوَزْ بِهَا بَدَنَةً وَاحِدَةً، فَإِنْ بَلَغَتْ قِيمَةُ حِمَارِ الْوَحْشِ، وَثَوْرِ الْوَحْشِ، وَالْأَيْلِ، وَالْأَرْوِيِّ أَكْثَرَ مِنْ بَقَرَةٍ لَمْ يَتَجَاوَزْ بِهَا بَقَرَةً وَاحِدَةً؛ فَإِنْ بَلَغَتْ قِيمَةُ الثَّيْتَلِ وَالْغَزَالِ، وَالظَّبْيِ، وَالْأَرْنَبِ، وَالْوَبَرِ، وَالْيَرْبُوعِ، وَالضَّبِّ، وَالْحَمَامَةِ، وَالْحَجْلَةِ، وَالْقَطَاةِ، وَالدُّبْسِيِّ، وَالْحِبَارَيْ، وَالْكَرَوَانِ، وَالْكَرَاكِيِّ، وَالدَّجَاجَةِ الْحَبَشِيَّةِ، أَكْثَرَ مِنْ شَاةٍ وَاحِدَةٍ لَمْ يَتَجَاوَزْ بِهَا شَاةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute