للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَوَقِّيهِ - وَتَكَلَّمَ فِيهِ شُعْبَةُ، وَأَحْمَدُ - وَقَالَ فِيهِ يَحْيَى: لَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ - وَكَذَّبَهُ أَبُو أُسَامَةَ، وَقَالَ: لَوْ حَلَفَ خَمْسِينَ يَمِينًا مَا صَدَّقْته.

فَإِنْ قَالُوا: قَدْ جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الضَّبُعِ الْجَزَاءَ - وَهِيَ سَبُعٌ ذُو نَابٍ -؟ قُلْنَا: نَعَمْ، وَهِيَ حَلَالٌ مِنْ بَيْنِ السِّبَاعِ فَهِيَ صَيْدٌ فَمَا الَّذِي أَوْجَبَ أَنْ تَقِيسُوا سَائِرَ السِّبَاعِ الْمُحَرَّمَةِ عَلَى الضَّبُعِ الْحَلَالِ أَكْلُهَا؟ وَلَمْ تَقِيسُوهَا عَلَى الذِّئْبِ الَّذِي هُوَ حَرَامٌ عِنْدَكُمْ؟ وَقَدْ صَحَّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ الْأَسَدَ: هُوَ الْكَلْبُ الْعَقُورُ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ حُجَّةٌ فِي اللُّغَةِ، وَلَا مُخَالِفَ لَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ يُعْرَفُ فِي ذَلِكَ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَمَّا هَذِهِ الْأَقْوَالُ فَظَاهِرَةُ الْفَسَادِ، وَلَمْ يَبْقَ الْكَلَامُ إلَّا فِي تَخْصِيصِ الْخَبَرِ الْمَذْكُورِ مِنْ [هَذِهِ] الْآيَةِ وَإِلْحَاقِ مَا عَدَا مَا ذَكَرَ فِي هَذَا الْخَبَرِ بِالتَّحْرِيمِ، أَوْ تَخْصِيصِ الْآيَةِ وَإِلْحَاقِ مَا عَدَا مَا ذَكَرَ فِيهَا بِالْخَبَرِ الْمَذْكُورِ، أَوْ أَنْ نَحْكُمَ بِمَا فِي الْآيَةِ وَبِمَا فِي الْخَبَرِ وَنَطْلُبَ حُكْمَ مَا لَمْ يُذْكَرْ فِيهِمَا مِنْ غَيْرِ هَذَيْنِ النَّصَّيْنِ.

قَالَ عَلِيٌّ: فَكَانَ الْوَجْهَانِ الْأَوَّلَانِ مُتَعَارِضَيْنِ لَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ؛ وَأَيْضًا: فَإِنَّ إلْحَاقَ مَا لَمْ يَذْكُرْ فِي الْآيَةِ بِمَا ذَكَرَ فِيهَا، أَوْ إلْحَاقَ مَا لَمْ يَذْكُرْ فِي الْخَبَرِ بِمَا ذَكَرَ فِيهِ قِيَاسٌ وَالْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ، وَتَعَدٍّ لِحُدُودِ اللَّهِ: {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} [الطلاق: ١] وَشَرَّعَ فِي الدِّينِ بِمَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ تَعَالَى، وَهَذَا لَا يَحِلُّ، فَلَمْ يَبْقَ إلَّا الْوَجْهُ الثَّالِثُ، فَكَانَ هُوَ الْحَقَّ لِأَنَّهُ هُوَ الِائْتِمَارُ لِلَّهِ تَعَالَى وَلِرَسُولِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَتَرْكُ تَعَدٍّ لِحُدُودِهِمَا.

فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ -: فَوَجَدْنَا اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا حَرَّمَ فِي الْإِحْرَامِ وَالْحَرَمِ قَتْلَ الصَّيْدِ، وَجَعَلَ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ وَهُوَ حَرَمٌ بِالْعَمْدِ الْجَزَاءَ، فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِذَلِكَ.

وَوَجَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَدْ أَخْبَرَ بِأَنَّ الْمُحْرِمَ يَقْتُلُ الْخَمْسَ الْمَذْكُورَاتِ، وَأَنَّهُ لَا جُنَاحَ فِي قَتْلِهِنَّ فِي حَرَمٍ، أَوْ إحْرَامٍ فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِذَلِكَ.

ثُمَّ نَظَرْنَا فِيمَا عَدَا الْخَمْسَ الْمَذْكُورَاتِ مِمَّا لَيْسَ صَيْدًا -: فَوَجَدْنَا الْكَلَامَ فِيهِمَا فِي مَوْضِعَيْنِ أَحَدُهُمَا: قَتْلُهَا، وَالثَّانِي: هَلْ فِي قَتْلِهَا جَزَاءٌ أَمْ لَا؟ فَنَظَرْنَا فِي إيجَابِ

<<  <  ج: ص:  >  >>