فُسِخَ بَيْعُهُ، فَإِنْ بَاعَهُ مِمَّنْ يَذْبَحُهُ أَوْ ذَبَحَهُ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ - وَهَذَا تَخْلِيطٌ وَتَنَاقُضٌ لِمَا ذَكَرْنَا قَبْلُ.
وَرُوِّينَا عَنْ مُجَاهِدٍ لَا بَأْسَ أَنْ يُدْخَلَ الصَّيْدُ فِي الْحَرَمِ حَيًّا - ثُمَّ يُذْبَحَ.
وَعَنْ عَطَاءٍ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَيْضًا مِثْلُ هَذَا.
وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ قَالَ: رَأَيْت الصَّيْدَ يُبَاعُ بِمَكَّةَ حَيًّا فِي إمَارَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ كَانَ فِي الْحَرَمِ، وَبَيْنَ الْمُحْرِمِ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ، لِأَنَّ كِلَيْهِمَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ حَرَمٍ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ - فَإِذْ قَدْ صَحَّ هَذَا فَالْوَاجِبُ فِيمَنْ قَتَلَ صَيْدًا مُتَمَلَّكًا وَهُوَ مُحْرِمٌ أَوْ فِي الْحَرَمِ أَنْ يُؤَدِّيَ لِصَاحِبِهِ صَيْدًا مِثْلَهُ يَبْتَاعُهُ لَهُ أَوْ قِيمَتَهُ إنْ لَمْ يُوجَدْ مِثْلُهُ، وَلَا جَزَاءَ فِيهِ وَلَا يُؤْكَلُ الَّذِي قُتِلَ لِأَنَّهُ مَيْتَةٌ، إذْ قَتْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَا هُنَا قَوْلَانِ آخَرَانِ، أَحَدُهُمَا: قَوْمٌ قَالُوا: لَحْمُ الصَّيْدِ حَلَالٌ لِلْمُحْرِمِ مَا لَمْ يَصِدْهُ هُوَ أَوْ يُصَدْ لَهُ، وَاحْتَجُّوا بِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ «عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ فَأَحْرَمَ أَصْحَابِي وَلَمْ أُحْرِمْ فَرَأَيْتُ حِمَارَ وَحْشٍ فَحَمَلْتُ عَلَيْهِ فَاصْطَدْتُهُ فَذَكَرْتُ شَأْنَهُ لِلنَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَذَكَرْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَحْرَمْتُ فَأَمَرَ أَصْحَابَهُ فَأَكَلُوا وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ حِينَ أَخْبَرْتُهُ أَنِّي اصْطَدْتُهُ لَهُ» .
وَبِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنْ الْمُطَّلِبِ بْنِ حَنْطَبٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «صَيْدُ الْبَرِّ لَكُمْ حَلَالٌ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إلَّا مَا اصْطَدْتُمْ وَصِيدَ لَكُمْ» .
فَرُوِّينَا هَذَا عَنْ عُثْمَانَ وَأَنَّهُ أُتِيَ بِصَيْدٍ وَهُوَ وَأَصْحَابُهُ مُحْرِمُونَ فَأَمَرَهُمْ بِأَكْلِهِ وَلَمْ يَأْكُلْهُ هُوَ فَقَالَ لَهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: يَا عَجَبًا لَك تَأْمُرُنَا أَنْ نَأْكُلَ مِمَّا لَسْت آكِلًا؟ فَقَالَ عُثْمَانُ: إنِّي أَظُنُّ إنَّمَا صِيدَ مِنْ أَجْلِي، فَأَكَلُوا وَلَمْ يَأْكُلْ - وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَمَّا خَبَرُ جَابِرٍ فَسَاقِطٌ، لِأَنَّهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَأَمَّا خَبَرُ أَبِي قَتَادَةَ فَإِنَّ مَعْمَرًا رَوَاهُ كَمَا ذَكَرْنَا. وَرَوَاهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ، وَهِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ كِلَاهُمَا يَقُولُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute