للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِمَنْ وَجَدَهُ؛ لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ وَهُوَ غَانِمُهُ إلَّا أَنْ يُوجَدَ أَثَرُ اسْتِخْرَاجِهِ، ثُمَّ رَدِّهِ فَيَكُونُ حِينَئِذٍ قَوْلُ صَاحِبِ الْأَرْضِ حَقًّا، وَأَمَّا إذَا وُجِدَ كَمَا وُضِعَ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَكَذِبُ مُدَّعِيه ظَاهِرٌ بِلَا شَكٍّ.

وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَكُونُ لِوَاجِدِهِ إلَّا أَنْ يَجِدَهُ فِي صَحَارَى أَرْضِ الْعَرَبِ فَهُوَ لَهُ بَعْدَ الْخُمُسِ، فَإِنْ وَجَدَهُ فِي أَرْضِ عَنْوَةٍ فَهُوَ كُلُّهُ لِبَقَايَا مُفْتَتِحِي تِلْكَ الْبِلَادِ، وَفِيهِ الْخُمُسُ؛ فَإِنْ وَجَدَهُ فِي أَرْضِ صُلْحٍ فَهُوَ كُلُّهُ لِأَهْلِ الصُّلْحِ، وَلَا خُمُسَ فِيهِ.

وَهَذَا خَطَأٌ ظَاهِرٌ مِنْ وُجُوهٍ: أَوَّلُهَا: أَنَّهُ أَسْقَطَ الْخُمُسَ عَمَّا وُجِدَ مِنْ ذَلِكَ فِي أَرْضِ صُلْحٍ، وَهَذَا خِلَافُ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ» فَعَمَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَلَمْ يَخُصَّ أَرْضَ صُلْحٍ مِنْ غَيْرِهَا.

وَثَانِيهَا: أَنَّهُمْ إنَّمَا صَالَحُوا عَلَى مَا يَمْلِكُونَهُ مِمَّا بِأَيْدِيهِمْ لَا عَلَى مَا لَا يَمْلِكُونَهُ وَلَا هُوَ بِأَيْدِيهِمْ وَلَا يَعْرِفُونَهُ.

وَثَالِثُهَا: أَنَّهُمْ لَوْ مَلَكُوا كُلَّ رِكَازٍ فِي الْأَرْضِ الَّتِي صَالَحُوا عَلَيْهَا لَوَجَبَ أَنْ تَمْلِكَهُ أَيْضًا الْعَرَبُ الَّذِينَ أَسْلَمُوا عَلَى بِلَادِهِمْ فَيَكُونُ مَا وُجِدَ فِيهَا مِنْ رِكَازٍ لِلَّذِينَ أَسْلَمُوا عَلَى تِلْكَ الْأَرْضِ - وَهَذَا خِلَافُ قَوْلِهِمْ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: فِيمَا وُجِدَ فِي أَرْضِ الْعَنْوَةِ أَنَّهُ لِوَرَثَةِ الْمُفْتَتِحِينَ. فَخَطَأٌ لِأَنَّ الْمُفْتَتِحِينَ لِلْأَرْضِ إنَّمَا يَمْلِكُونَ مَا غَنِمُوا، لَا مَا لَمْ يَغْنَمُوا، وَالرِّكَازُ مِمَّا لَمْ يَغْنَمُوا، وَلَا حَصَلُوا عَلَيْهِ، وَلَا أَخَذُوهُ؛ فَلَا حَقَّ لَهُمْ فِيهِ.

وَالْعَجَبُ كُلُّهُ أَنَّهُمْ لَا يَجْعَلُونَ الْأَرْضَ حَقًّا لِلْمُفْتَتِحَيْنِ أَرْضَ الْعَنْوَةِ وَهُمْ غَنِمُوهَا ثُمَّ يَجْعَلُونَ الرِّكَازَ الَّذِي فِيهَا حَقًّا لَهُمْ وَهُمْ لَمْ يَغْنَمُوهُ.

وَقَالَ الْحَنَفِيُّونَ: هُوَ لِوَاجِدِهِ وَعَلَيْهِ فِيهِ الْخُمُسُ، وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْخُمُسَ إنْ كَانَ مُحْتَاجًا إلَّا أَنْ يَجِدَهُ فِي دَارٍ اخْتَطَّهَا مُسْلِمٌ، أَوْ فِي دَارِ الْحَرْبِ، فَإِنَّهُ إنْ وَجَدَهُ فِي دَارٍ اخْتَطَّهَا مُسْلِمٌ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْخُطَّةِ وَفِيهِ الْخُمُسُ؛ وَإِنْ وَجَدَهُ فِي دَارِ حَرْبِيٍّ وَقَدْ دَخَلَهَا بِأَمَانٍ فَهُوَ كُلُّهُ لِلْحَرْبِيِّ، وَإِنْ وَجَدَهُ فِي صَحْرَاءَ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَهُوَ كُلُّهُ لِوَاجِدِهِ وَلَا خُمُسَ عَلَيْهِ فِيهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>