وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ - عَنْ سَعِيدٍ - هُوَ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ - عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: تُقْسَمُ الْغَنَائِمُ خَمْسَةَ أَخْمَاسٍ، فَأَرْبَعَةَ أَخْمَاسٍ لِمَنْ قَاتَلَ عَلَيْهَا، ثُمَّ يُقْسَمُ الْبَاقِي عَلَى خَمْسَةِ أَخْمَاسٍ، فَخُمُسٌ مِنْهَا لِلَّهِ تَعَالَى وَلِلرَّسُولِ، وَخُمُسٌ لِقَرَابَةِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخُمُسٌ لِلْيَتَامَى، وَخُمُسٌ لِابْنِ السَّبِيلِ، وَخُمُسٌ لِلْمَسَاكِينِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَجُمْهُورِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ، وَآخِرُ قَوْلَيْ أَبِي يُوسُفَ الْقَاضِي الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ.
إلَّا أَنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ: لِلذَّكَرِ مِنْ ذَوِي الْقُرْبَيْ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ - وَهَذَا خَطَأٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِهِ نَصٌّ أَصْلًا وَلَيْسَ مِيرَاثًا فَيُقْسَمُ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا هِيَ عَطِيَّةٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، فَهُمْ فِيهَا سَوَاءٌ.
وَقَالَ مَالِكٌ: يُجْعَلُ الْخُمُسُ كُلُّهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَيُعْطَى أَقْرِبَاءُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَا يَرَى الْإِمَامُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ حَدٌّ مَحْدُودٌ.
قَالَ أَصْبَغُ بْنُ فَرَجٍ: أَقْرِبَاؤُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - هُمْ جَمِيعُ قُرَيْشٍ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُقْسَمُ الْخُمُسُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ: الْفُقَرَاءِ، وَالْمَسَاكِينِ، وَابْنِ السَّبِيلِ.
قَالَ عَلِيٌّ: هَذِهِ أَقْوَالٌ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ، لِأَنَّهَا خِلَافُ الْقُرْآنِ نَصًّا، وَخِلَافُ السُّنَنِ الثَّابِتَةِ، وَلَا يُعْرَفُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ قَبْلَهُ، وَقَدْ تَقَصَّيْنَا كُلَّ مَا شَغَبُوا بِهِ فِي كِتَابِ الْإِيصَالِ، وَجِمَاعُ كُلِّ ذَلِكَ لِكُلِّ مَنْ تَأَمَّلَهُ أَنَّهُمْ إنَّمَا احْتَجُّوا بِأَحَادِيثَ مَوْضُوعَةٍ مِنْ رِوَايَةِ الزُّبَيْرِيِّ، وَنُظَرَائِهِ، أَوْ مُرْسَلَةٍ، أَوْ صِحَاحٍ لَيْسَ فِيهَا دَلِيلٌ عَلَى مَا ادَّعَوْهُ أَصْلًا، أَوْ قَوْلٍ عَنْ صَاحِبٍ قَدْ خَالَفَهُ غَيْرُهُ مِنْهُمْ وَلَا مَزِيدَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
٩٥٠ - مَسْأَلَةٌ:
وَتُقْسَمُ الْأَرْبَعَةُ الْأَخْمَاسُ الْبَاقِيَةُ بَعْدَ الْخُمُسِ عَلَى مَنْ حَضَرَ الْوَقْعَةَ، أَوْ الْغَنِيمَةَ، لِصَاحِبِ الْفَرَسِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ: لَهُ سَهْمٌ، وَلِفَرَسِهِ سَهْمَانِ، وَلِلرَّاجِلِ، وَرَاكِبِ الْبَغْلِ، وَالْحِمَارِ، وَالْجَمَلِ: سَهْمٌ وَاحِدٌ فَقَطْ. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute