وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لِلْفَارِسِ سَهْمَانِ: لَهُ سَهْمٌ، وَلِفَرَسِهِ سَهْمٌ، وَلِسَائِرِ مَنْ ذَكَرنَا سَهْمٌ - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ، وَلِرَاكِبِ الْبَعِيرِ سَهْمَانِ، وَلِغَيْرِهِمَا سَهْمٌ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَمَّا قَوْلُ أَحْمَدَ فَمَا نَعْلَمُ لَهُ حُجَّةً.
وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُمْ احْتَجُّوا لَهُ بِآثَارٍ ضَعِيفَةٍ. مِنْهَا: مِنْ طَرِيقِ مُجَمِّعِ بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ مُجَمِّعِ بْنِ يَزِيدَ بْن جَارِيَةَ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَمِّهِ مُجَمِّعِ بْنِ جَارِيَةَ الْأَنْصَارِيِّ - وَكَانَ أَحَدَ الْقُرَّاءِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَى لِلْفَارِسِ سَهْمَيْنِ، وَالرَّاجِلِ سَهْمًا» . مُجَمِّعٌ مَجْهُولٌ وَأَبُوهُ كَذَلِكَ.
وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَ لِلْفَارِسِ سَهْمَيْنِ، وَلِلرَّاجِلِ سَهْمًا» .
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الَّذِي يَرْوِي عَنْ نَافِعٍ فِي غَايَةِ الضَّعْفِ.
وَعَنْ شَيْخٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ عَنْ مَكْحُولٍ مِثْلُ ذَلِكَ.
وَهَذِهِ فَضِيحَةٌ مَجْهُولٌ، وَمُرْسَلٌ.
وَاحْتَجَّ أَبُو حَنِيفَةَ بِأَنْ قَالَ: لَا أُفَضِّلُ بَهِيمَةً عَلَى إنْسَانٍ؛ فَيُقَالُ لَهُ: وَتُسَاوِي بَيْنَهُمَا إنَّ هَذَا لَعَجَبٌ؛ فَإِذَا جَازَتْ الْمُسَاوَاةُ فَمَا مَنَعَ التَّفْضِيلَ؟ ثُمَّ هُوَ يُسْهِمُ لِلْفَرَسِ وَإِنْ لَمْ يُقَاتَلْ عَلَيْهِ، وَلَا يُسْهِمُ لِلْمُسْلِمِ التَّاجِرِ، وَلَا الْأَجِيرِ إلَّا أَنْ يُقَاتِلَا؛ فَقَدْ فَضَّلَ بَهِيمَةً عَلَى إنْسَانٍ، ثُمَّ هُوَ يَقُولُ فِي إنْسَانٍ قَتَلَ كَلْبًا لِمُسْلِمٍ، وَعَبْدًا مُسْلِمًا فَاضِلًا، وَخِنْزِيرًا لِذِمِّيٍّ: - قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عِشْرُونَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَإِنَّهُ يُؤَدِّي فِي الْكَلْبِ عِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَفِي الْخِنْزِيرِ ذَلِكَ، وَلَا يُعْطِي فِي الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ إلَّا عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ غَيْرَ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ، فَاعْجَبُوا لِهَذَا الرَّأْيِ السَّاقِطِ وَاحْمَدُوا اللَّهَ تَعَالَى عَلَى السَّلَامَةِ، فَقَدْ فَضَّلَ الْبَهِيمَةَ عَلَى الْإِنْسَانِ.
قَالُوا: قَدْ صَحَّ الْإِجْمَاعُ عَلَى السَّهْمَيْنِ؟ فَقُلْنَا لَهُمْ: إنْ كُنْتُمْ لَا تَقُولُونَ بِمَا صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَلَّمْنَاكُمْ فِي ذَلِكَ فَكَيْفَ وَدَعَوَاكُمْ الْإِجْمَاعَ هَاهُنَا كَذِبٌ؟ وَمَا نَدْرِي لَعَلَّ فِيمَنْ أَخْطَأَ كَخَطَئِكُمْ، ثُمَّ مَنْ يَقُولُ: لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute