يُفَضَّلُ فَارِسٌ عَلَى رَاجِلٍ، كَمَا لَا يُفَضَّلُ رَاكِبُ الْبَغْلِ عَلَى الرَّاجِلِ، وَكَمَا لَا يُفَضَّلُ الشُّجَاعُ الْبَطَلُ الْمُبْلِي، عَلَى الْجَبَانِ الضَّعِيفِ الْمَرِيضِ.
ثُمَّ لَوْ طَرَدْتُمْ أَصْلَكُمْ هَذَا لَوَجَبَ أَنْ تُسْقِطُوا الزَّكَاةَ عَنْ كُلِّ مَا أَوْجَبْتُمُوهَا فِيهِ مِنْ الْعَسَلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَلَبَطَلَ قَوْلُكُمْ فِي دِيَةِ الْكَافِرِ لِأَنَّهُ لَمْ يُجْمَعْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَهَذَا يَهْدِمُ عَلَيْكُمْ أَكْثَرَ مَذَاهِبِكُمْ.
وَرَوَوْا: أَنَّ أَوَّلَ مَنْ جَعَلَ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، مِنْ طَرِيقِ لَيْثٍ عَنْ الْحَكَمِ - وَهَذَا مُنْقَطِعٌ، وَهُمْ يَرَوْنَ حُكْمَ عُمَرَ فِي حَدِّ الْخَمْرِ ثَمَانِينَ سُنَّةً، فَهَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَجْعَلُوهُ سُنَّةً أَيْضًا.
وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ نَا عُبَيْدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ، وَلِصَاحِبِهِ سَهْمًا» .
وَمِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ نَا الْحَسَنُ بْنُ إِسْحَاقَ نَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ نَا زَائِدَةُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمًا يَوْمَ خَيْبَرَ» .
فَهَذَا هُوَ الَّذِي لَا يَجُوزُ خِلَافُهُ لِصِحَّتِهِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ صَحَّتْ تِلْكَ الْأَخْبَارُ لَكَانَ هَذَا زَائِدًا عَلَيْهَا، وَزِيَادَةُ الْعَدْلِ لَا يَجُوزُ رَدُّهَا. وَهُوَ قَوْلُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَالْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ، ذُكِرَ ذَلِكَ عَنْ الصَّحَابَةِ - وَبِهِ يَقُولُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ [وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ] .
٩٥١ - مَسْأَلَةٌ:
وَمَنْ حَضَرَ بِخَيْلٍ لَمْ يُسْهَمْ لَهُ إلَّا ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ فَقَطْ، وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ: يُسْهَمُ لِفَرَسَيْنِ فَقَطْ.
وَقَالَ آخَرُونَ: يُسْهَمُ لِكُلِّ فَرَسٍ مِنْهَا - وَهَذَا لَا يَقُومُ بِهِ بُرْهَانٌ.
فَإِنْ قِيلَ: قَدْ رُوِيَ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَسْهَمَ لِلزُّبَيْرِ لِفَرَسَيْنِ؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute