قُلْنَا: هَذَا مُرْسَلٌ لَا يَصِحُّ، وَأَصَحُّ حَدِيثٍ فِيهِ هُوَ الَّذِي رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامَ خَيْبَرَ لِلزُّبَيْرِ بِأَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ: سَهْمٍ لِلزُّبَيْرِ، وَسَهْمِ الْقُرْبَى لِصَفِيَّةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَسَهْمَيْنِ لِلْفَرَسِ» .
٩٥٢ - مَسْأَلَةٌ:
وَيُسْهَمُ لِلْأَجِيرِ، وَلِلتَّاجِرِ، وَلِلْعَبْدِ، وَلِلْحُرِّ، وَالْمَرِيضِ، وَالصَّحِيحِ سَوَاءٌ سَوَاءٌ كُلُّهُمْ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالا طَيِّبًا} [الأنفال: ٦٩] وَلِلْأَثَرِ الَّذِي أَوْرَدْنَا آنِفًا مِنْ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «قَسَمَ لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمًا» ، وَلَمْ يَخُصَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - حُرًّا مِنْ عَبْدٍ، وَلَا أَجِيرًا مِنْ غَيْرِهِ، وَلَا تَاجِرًا مِنْ سِوَاهُ، فَلَا يَجُوزُ تَخْصِيصُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بِالظَّنِّ الْكَاذِبِ.
فَإِنْ احْتَجُّوا بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي كِتَابِهِ إلَى نَجْدَةَ تَسْأَلُنِي عَنْ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ يَحْضُرَانِ الْمَغْنَمَ، هَلْ يُقْسَمُ لَهُمَا؟ أَوْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمَا شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَحْذِيَا فَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَقَدْ رُوِّينَا أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عُمَرَ لَيْسَ لِلْعَبْدِ مِنْ الْغَنِيمَةِ شَيْءٌ، وَلَا حُجَّةَ فِيمَنْ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَكَمْ قِصَّةٍ خَالَفُوا فِيهَا ابْنَ عَبَّاسٍ؟ كَقَوْلٍ فِي بَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ، وَالصَّرْفِ، وَسَهْمِ ذِي الْقُرْبَى، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
فَإِنْ ذَكَرُوا مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: نَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْمُهَاجِرِ حَدَّثَنِي «عُمَيْرٌ مَوْلَى آبِي اللَّحْمِ قَالَ شَهِدْتُ خَيْبَرَ مَعَ سَادَاتِي فَكَلَّمُوا فِي رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَرَ بِي فَقُلِّدْتُ السَّيْفَ فَإِذَا أَنَا أَجُرُّهُ، فَأُخْبِرَ أَنِّي مَمْلُوكٌ، فَأَمَرَ لِي بِشَيْءٍ مِنْ خُرْثِيِّ الْمَتَاعِ» .
فَهَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ؛ لِأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ زَيْدٍ غَيْرُ مَشْهُورٍ.
وَقَدْ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدٍ وَأَيْضًا فَإِنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ يَجُرُّ السَّيْفَ، وَهَذَا صِفَةُ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute