للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَالْخِنْزِيرُ كُلُّهُ حَرَامٌ لَا يَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ شَعْرُهُ وَلَا غَيْرُهُ حَاشَا مَا أَخْرَجَهُ النَّصُّ مِنْ الْجِلْدِ إذَا دُبِغَ فَحَلَّ اسْتِعْمَالُهُ.

وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ نَا لَيْثٌ هُوَ ابْنُ سَعْدٍ - عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَكَمًا مُقْسِطًا فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ وَيَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ» .

وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نَا هَارُونُ بْنُ عَبْدُ اللَّهِ نَا حَجَّاجٌ هُوَ ابْنُ مُحَمَّدٍ - (عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ) نَا أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: سَمِعْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَقُولُ: أَمِيرُهُمْ تَعَالَ صَلِّ لَنَا فَيَقُولُ: لَا إنَّ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ أُمَرَاءُ تَكْرِمَةَ اللَّهِ هَذِهِ الْأُمَّةَ» ، فَصَحَّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَوَّبَ قَتْلَ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِلْخَنَازِيرِ وَأَخْبَرَ أَنَّهُ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ يَنْزِلُ وَبِهِ يَحْكُمُ، وَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - نَهَى عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ فَلَوْ كَانَتْ الذَّكَاةُ تَعْمَلُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْخِنْزِيرِ لَمَا أَبَاحَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَتْلَهُ فَيُضَيِّعُ، فَصَحَّ أَنَّهُ كُلَّهُ مَيْتَةٌ مُحَرَّمٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَقَدْ ادَّعَى بَعْضُ مَنْ لَا يُبَالِي مَا أَطْلَقَ بِهِ لِسَانَهُ مِنْ أَصْحَابِ الْقِيَاسِ أَنَّ شَحْمَ الْخِنْزِيرِ إنَّمَا حُرِّمَ قِيَاسًا عَلَى لَحْمِهِ وَأَنَّ الْإِجْمَاعَ عَلَى تَحْرِيمِهِ إنَّمَا هُوَ مِنْ قِبَلِ الْقِيَاسِ الْمَذْكُورِ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَيُقَالُ لِمَنْ قَالَ هَذَا التَّخْلِيطَ الظَّاهِرَ فَسَادُهُ: أَوَّلُ بُطْلَانِ قَوْلِك أَنَّهُ دَعْوَى بِلَا بُرْهَانٍ، وَثَانِيه أَنَّهُ كَذِبٌ عَلَى الْأُمَّةِ كُلِّهَا إذْ قُلْت إنَّهَا إنَّمَا أَجْمَعَتْ عَلَى الْبَاطِلِ مِنْ الْقِيَاسِ، وَالثَّالِثُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْقِيَاسُ حَقًّا لَكَانَ هَذَا مِنْهُ عَيْنَ الْبَاطِلِ لِأَنَّهُ لَا عِلَّةَ تَجْمَعُ بَيْنَ الشَّحْمِ وَاللَّحْمِ، فَإِنْ قَالُوا: لِأَنَّ الشَّحْمَ بَعْضُ اللَّحْمِ وَمِنْ اللَّحْمِ لِأَنَّهُ مِنْ اللَّحْمِ تُولَدُ قُلْنَا لَهُمْ: أَمَّا قَوْلُكُمْ: إنَّ الشَّحْمَ بَعْضُ اللَّحْمِ فَبَاطِلٌ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَكَانَ الشَّحْمُ لَحْمًا وَهَذَا لَمْ تَأْتِ بِهِ لُغَةٌ قَطُّ وَلَا شَرِيعَةٌ، وَأَمَّا قَوْلُكُمْ لِأَنَّهُ مِنْ اللَّحْمِ تَوَلَّدَ فَنَحْنُ تَوَلَّدْنَا مِنْ التُّرَابِ وَلَسْنَا تُرَابًا، وَالدَّجَاجَةُ تَوَلَّدَتْ مِنْ الْبَيْضَةِ وَلَيْسَتْ بَيْضَةً، وَالتَّمْرُ تَوَلَّدَ مِنْ النَّخْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>