للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَالِ، وَلَا يَحِلُّ قَتْلُ شَيْءٍ يُؤْكَلُ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي كِتَابِ الْحَجِّ قَوْلَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «خَمْسٌ فَوَاسِقُ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ» فَذَكَرَ الْعَقْرَبَ، وَالْفَأْرَةَ، وَالْحِدَأَةَ، وَالْغُرَابَ، وَالْكَلْبَ الْعَقُورَ.

فَصَحَّ أَنَّ فِيهَا فِسْقًا، وَالْفِسْقُ مُحَرَّمٌ قَالَ تَعَالَى: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [الأنعام: ١٤٥] .

فَلَوْ ذُبِحَ مَا فِيهِ فِسْقٌ لَكَانَ مِمَّا أُهِّلَ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ؛ لِأَنَّ ذَبْحَ مَا لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ مَعْصِيَةٌ، وَالْمَعْصِيَةُ قَصْدٌ إلَى غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى بِهِ -: رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: اُقْتُلُوا الْحَيَّاتِ كُلَّهَا.

وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ: مَنْ قَتَلَ حَيَّةً أَوْ عَقْرَبًا قَتَلَ كَافِرًا.

وَمِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ نَا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ نَا أَبِي نَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ: إنِّي لَأَعْجَبُ مِمَّنْ يَأْكُلُ الْغُرَابَ، وَقَدْ أَذِنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَتْلِهِ وَسَمَّاهُ فَاسِقًا، وَاَللَّهِ مَا هُوَ مِنْ الطَّيِّبَاتِ.

وَمِنْ طَرِيقِ شَرِيكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: مَنْ يَأْكُلُ الْغُرَابَ؟ وَقَدْ سَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاسِقًا، وَاَللَّهِ مَا هُوَ مِنْ الطَّيِّبَاتِ.

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَنْ يَأْكُلُ الْغُرَابَ وَقَدْ سَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاسِقًا.

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كَرِهَ رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَكْلَ الْحِدَاءِ وَالْغُرَابِ حَيْثُ سَمَّاهُمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ فَوَاسِقِ الدَّوَابِّ الَّتِي تُقْتَلُ فِي الْحَرَمِ.

فَإِنْ قِيلَ: قَدْ رُوِيَ «وَتَرْمِي الْغُرَابَ وَلَا تَقْتُلْهُ» ؟ قُلْنَا: رَوَاهُ مَنْ لَا يَجُوزُ الْأَخْذُ بِرِوَايَتِهِ يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا تَضْعِيفَهُ فِي كِتَابِ الْحَجِّ وَقَوْلُنَا هُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ.

وَحَرَّمَ أَبُو حَنِيفَةَ الْغُرَابَ الْأَبْقَعَ، وَلَمْ يُحَرِّمْ الْأَسْوَدَ؛ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ ذَكَرَ الْغُرَابَ الْأَبْقَعَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>