للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا ذَلِكَ، فَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ حِينَ تَخْرُجُ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَكْفِيك.

وَصَحَّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِيمَنْ ذَبَحَ وَهُوَ مُغْضَبٌ فَلَمْ يَذْكُرْ اللَّهَ تَعَالَى أَنَّهُ يُؤْكَلُ وَلْيُسَمِّ اللَّهَ تَعَالَى إذَا أَكَلَ.

وَعَنْ عَطَاءٍ إذَا قَالَ الْمُسْلِمُ: بِاسْمِ الشَّيْطَانِ فَكُلْ.

وَرُوِّينَا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ إبَاحَةَ أَكْلِ مَا نُسِيَ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ، وَلَمْ يُذْكَرْ عَنْهُمْ تَحْرِيمُهُ فِي تَعَمُّدِ تَرْكِ الذِّكْرِ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: احْتَجَّ أَهْلُ الْإِبَاحَةِ لِذَلِكَ بِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ عِمْرَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ أَخِي سُفْيَانَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «جَاءَتْ الْيَهُودُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالُوا: أَنَأْكُلُ مِمَّا قَتَلْنَا، وَلَا نَأْكُلُ مِمَّا قَتَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: ١٢١] إلَى آخِرِ الْآيَةِ» .

قَالَ عَلِيٌّ: هَذَا مِنْ التَّمْوِيهِ الْقَبِيحِ، وَلَيْتَ شِعْرِي أَيُّ ذِكْرٍ فِي هَذَا الْخَبَرِ لِإِبَاحَةِ أَكْلِ مَا لَمْ يُسَمَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ، بَلْ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ كَافِيَةٌ.

فَأَمَّا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فَمَا نَعْلَمُ لَهُ حُجَّةً أَصْلًا.

وَأَمَّا الْحَنَفِيُّونَ، وَالْمَالِكِيُّونَ، فَإِنَّهُمْ ذَكَرُوا خَبَرًا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ نَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ نَا الْأَحْوَصُ بْنُ حَكِيمٍ عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ ذَبِيحَةَ الْمُسْلِمِ حَلَالٌ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ» .

فَهَذَا مُرْسَلٌ، وَالْأَحْوَصُ بْنُ حَكِيمٍ لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَرَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ ضَعِيفٌ.

وَخَبَرٌ آخَرُ: مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ نَا ثَوْرُ الشَّامِيُّ عَنْ الصَّلْتِ مَوْلَى سُوَيْد قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ذَبِيحَةُ الْمُسْلِمِ حَلَالٌ - وَإِنْ نَسِيَ أَنْ يَذْكُرَ اسْمَ اللَّهِ - لِأَنَّهُ إذَا ذَكَرَ لَمْ يَذْكُرْ إلَّا اللَّهَ تَعَالَى» .

وَهَذَا مُرْسَلٌ لَا حُجَّةَ فِيهِ، وَالصَّلْتُ أَيْضًا مَجْهُولٌ لَا يُدْرَى مَنْ هُوَ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّمَا ذَبَحْت بِدِينِك.

قَالَ عَلِيٌّ: وَمَا نَذْبَحُ إلَّا بِأَدْيَانِنَا وَبِمَا يَنْهَرُ الدَّمَ، وَمِنْ الذَّبْحِ بِالدِّينِ أَنْ يُسَمَّى اللَّهُ تَعَالَى فَمَنْ لَمْ يُسَمِّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَلَمْ يَذْبَحْ بِدِينِهِ وَلَا كَمَا أُمِرَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>