للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ فِيمَا أُبِينَ رَأْسُهُ أَثَرٌ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ - وَهُوَ هَالِكٌ - وَقَدْ صَحَّ خِلَافُهُ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَرُوِيَ عَنْهُ نَفْسِهِ أَيْضًا خِلَافُ ذَلِكَ، وَاخْتَلَفَ فِيهِ عَنْ الْحَسَنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعَنْهُمْ. وَأَمَّا مَنْعُهُمْ أَيْضًا مِمَّا ذُبِحَ مِنْ الْقَفَا فَقَوْلٌ أَيْضًا لَا بُرْهَانَ عَلَى صِحَّتِهِ لَا مِنْ قُرْآنٍ، وَلَا مِنْ سُنَّةٍ صَحِيحَةٍ. فَإِنْ قَالُوا: هُوَ تَعْذِيبٌ؟ قُلْنَا: مَا التَّعْذِيبُ فِيهِ إلَّا كَالتَّعْذِيبِ فِي الذَّبْحِ مِنْ أَمَامٍ وَلَا فَرْقَ، وَهَذَا أَمْرٌ مُشَاهَدٌ. فَإِنْ قَالُوا: قَدْ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ الذَّكَاةُ فِي الْحَلْقِ وَاللَّبَّةِ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، وَلَا حُجَّةَ لَكُمْ فِيهِ لِوَجْهَيْنِ -: أَحَدُهُمَا: أَنَّكُمْ قَدْ خَالَفْتُمُوهُ فِي مَنْعِكُمْ مِنْ الذَّكَاةِ فِي اللَّبَّةِ فِي بَعْضِ الْحَيَوَانِ وَمَنْعِكُمْ الذَّكَاةَ فِي الْحَلْقِ فِي بَعْضِهِ وَلَيْسَ عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ تَفْرِيقٌ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَيْسَ فِي كَوْنِ الذَّكَاةِ فِي الْحَلْقِ مَا يُوجِبُ أَنْ لَا يَكُونَ قَطْعُ الْحَلْقِ ذَكَاةٌ مِنْ وَرَائِهِ دُونَ أَمَامِهِ، أَوْ مِنْ أَمَامِهِ دُونَ وَرَائِهِ، فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِهَذَا اللَّفْظِ أَيْضًا، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ الْمَنْعُ مِمَّا ذُبِحَ مِنْ الْقَفَا - وَبِهِ يَقُولُ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ. وَأَمَّا اشْتِرَاطُ ابْنُ الْقَاسِمِ إلْقَاءَ الْعُقْدَةِ إلَى أَسْفَلَ فَإِنَّ أَصْحَابَ مَالِكٍ خَالَفُوهُ فِي ذَلِكَ، وَاحْتَجَّ لَهُ مُقَلِّدُوهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا ذُبِحَ فِي الرَّأْسِ لَا فِي الْحَلْقِ، وَأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَخْنُوقِ - فَكَانَتْ الْحُجَّةُ أَشَدَّ بُطْلَانًا وَمُكَابَرَةً لِلْعِيَانِ مِنْ الْقَوْلِ الْمُحْتَجِّ لَهُ بِهَا - وَقَدْ كَذَبَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ وَمَا ذُبِحَ بِالْمُشَاهَدَةِ إلَّا فِي أَوَّلِ الْحَلْقِ، وَأَوَّلُ الْحَلْقِ بَعْضُ الْحَلْقِ كَوَسَطِهِ وَكَآخِرِهِ وَلَا فَرْقَ، وَلَا نَعْلَمُ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَحَدًا قَبْلَهُ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ فَسَقَطَ لِتَعَرِّيه عَنْ الدَّلِيلِ جُمْلَةً - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

وَأَمَّا مَنْ ذَهَبَ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ إلَى أَنَّهُ لَا تَكُونُ ذَكَاةٌ إلَّا مَا قَطَعَ الْوَدَجَيْنِ، وَالْحُلْقُومَ، وَالْمَرِيءَ فَإِنَّهُمْ احْتَجُّوا بِأَنْ قَالُوا: قَدْ صَحَّ تَحْرِيمُ الْحَيَوَانِ حَيًّا حَتَّى يُذَكَّى، وَقَطْعُ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ ذَكَاةٌ صَحِيحَةٌ مُجْتَمَعٌ عَلَى تَحْلِيلِ مَا زُكِّيَ كَذَلِكَ، وَكَانَ مَا دُونَ ذَلِكَ مُخْتَلَفًا فِيهِ فَلَا يَخْرُجُ مِنْ تَحْرِيمٍ إلَى تَحْلِيلٍ إلَّا بِإِجْمَاعٍ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذِهِ قَضِيَّةٌ صَحِيحَةُ الْمَبْدَأِ نَاقِصَةُ الْآخِرِ، وَإِنَّمَا الْوَاجِبُ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>