يَقُولُوا: مَا صَحَّ تَحْرِيمُهُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَخْرُجَ عَنْ التَّحْرِيمِ إلَى التَّحْلِيلِ إلَّا بِنَصٍّ صَحِيحٍ، ثُمَّ لَا نُبَالِي أُجْمِعَ عَلَيْهِ أَمْ اُخْتُلِفَ فِيهِ. وَلَوْ أَنَّ امْرَأً لَا يَأْخُذُ مِنْ النُّصُوصِ إلَّا بِمَا أُجْمِعَ عَلَيْهِ لَخَالَفَ جُمْهُورَ أَحْكَامِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ، وَجُمْهُورَ سُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ وَهَذَا لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ، وَهُوَ خِلَافُ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى بِالرَّدِّ عِنْدَ التَّنَازُعِ إلَى الْقُرْآنِ، وَالسُّنَّةِ، وَلَمْ يَقُلْ تَعَالَى: فَرَدُّوهُ إلَى مَا أَجْمَعْتُمْ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّنَا لَا نَعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا الْتَزَمَ هَذَا الْأَصْلَ وَلَا أَحَدًا قَالَ بِهِ وَصَحَّحَهُ. فَالْوَاجِبُ إذْ قَدْ اخْتَلَفُوا كَمَا ذَكَرْنَا أَنْ يُرَدَّ مَا تَنَازَعُوا فِيهِ إلَى مَا افْتَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى الرَّدَّ إلَيْهِ عِنْدَ التَّنَازُعِ إذْ يَقُولُ تَعَالَى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} [النساء: ٥٩] فَفَعَلْنَا فَوَجَدْنَا اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: ٣] وَالذَّكَاةُ الشَّقُّ وَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالذَّبْحِ وَالنَّحْرِ فِيمَا تُمُكِّنَ مِنْهُ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَتَعَدَّى حَدَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -. وَأَمَرَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِالْإِرَاحَةِ، أَنَّ كُلَّ ذَبْحٍ وَكُلَّ شَقٍّ قَالَ بِهِ أَحَدٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ فَهُوَ ذَكَاةٌ، وَإِذْ هُوَ ذَكَاةٌ فَإِنَّ الْمُذَكَّى بِهِ خَارِجٌ مِنْ التَّحْرِيمِ إلَى التَّحْلِيلِ. وَلَوْ أَنَّ الذَّكَاةَ لَا تَكُونُ إلَّا بِقَطْعِ بَعْضِ الْآرَابِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا دُونَ بَعْضٍ، أَوْ بِقَطْعِ جَمِيعِهَا، أَوْ بِصِفَةٍ مِنْ الصِّفَاتِ الَّتِي اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهَا كَمَا ذَكَرْنَا لَمَا نَسِيَ اللَّهُ تَعَالَى بَيَانَهَا وَلَا أَغْفَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إعْلَامَنَا بِهَا حَتَّى نَحْتَاجَ فِي ذَلِكَ إلَى رَأْيٍ مَنْ لَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ تَعَالَى رَأْيَهُ حُجَّةً فِي تَبِنَةٍ فَمَا فَوْقَهَا، وَحَاشَا لِلَّهِ مِنْ أَنْ يُضَيِّعَ إعْلَامَنَا بِمَا افْتَرَضَهُ عَلَيْنَا حَتَّى يَشْرَعَهُ لَنَا مَنْ دَوَّنَهُ مِنْ الْأَقْوَالِ الْفَاسِدَةِ، تَاللَّهِ إنَّ فِي مَغِيبِ هَذَا عَمَّنْ غَابَ عَنْهُ لَعَجَبًا، وَلَكِنْ مَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ. رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ نا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ نا أَبُو عَوَانَةَ سَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ عَنْ جَدِّهِ «رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ فَذَكَرَ حَدِيثًا - وَفِيهِ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيْسَ مَعَنَا مُدًى أَفَنَذْبَحُ بِالْقَصَبِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ» . وَمِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ نا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ نا سُفْيَانُ - هُوَ الثَّوْرِيُّ - حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ «عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ قُلْتُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute