قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا بَاطِلٌ لِأَنَّهُ قِيَاسٌ.
ثُمَّ لَوْ صَحَّ الْقِيَاسُ لَكَانَ هَذَا بَاطِلًا لِأَنَّهُ لَا قِيَاسَ عِنْدَهُمْ مَعَ نَصٍّ وَالنَّصُّ جَاءَ فِي الْمِعْرَاضِ بِمَا ذَكَرُوا، وَفِي الْجَارِحِ بِغَيْرِ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرْنَا مِنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى. وَكَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ هُوَ ابْنُ رَاهْوَيْهِ - نا جَرِيرٌ هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ - عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ: «إذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ الْمُعَلَّمَ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ، قُلْتُ: وَإِنْ قَتَلْنَ؟ قَالَ: وَإِنْ قَتَلْنَ مَا لَمْ يُشْرِكْهَا كَلْبٌ لَيْسَ مَعَهَا» . وَمِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ نا أَبُو نُعَيْمٍ هُوَ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ - نا زَكَرِيَّا هُوَ ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ - عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ «عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَخْذِ الْكَلْبِ؟ فَقَالَ: كُلْ مَا أَمْسَكَ عَلَيْكَ فَإِنَّ أَخْذَ الْكَلْبِ ذَكَاةٌ» . وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ نا أَبِي نا زَكَرِيَّا - هُوَ ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ - عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ «عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ صَيْدِ الْكَلْبِ؟ فَقَالَ: مَا أَمْسَكَ عَلَيْكَ وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ فَكُلْهُ فَإِنَّ ذَكَاتَهُ أَخْذُهُ» فَأَمَرَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِأَكْلِ مَا قَتَلَ الْكَلْبُ الْمُعَلَّمُ وَأَخْبَرَ أَنَّهُ ذَكَاةٌ وَلَمْ يَشْتَرِطْ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِجِرَاحَةٍ مِنْ غَيْرِهَا، فَاشْتِرَاطُ ذَلِكَ بَاطِلٌ لَا يَجُوزُ. وَقَوْلُنَا هُوَ قَوْلُ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ الْمُغَلِّسِ، وَغَيْرِهِ.
وَأَمَّا تَحْرِيمُ أَكْلِ الصَّيْدِ إذَا أَكَلَ مِنْهُ الْجَارِحُ فَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} [المائدة: ٤] فَلَمْ يُبِحْ لَنَا اللَّهُ تَعَالَى مَا أَمْسَكْنَ فَقَطْ وَلَا مَا أَمْسَكْنَ عَلَى أَنْفُسِهِنَّ بَلْ مَا أَمْسَكْنَ عَلَيْنَا فَقَطْ، وَبِالْمُشَاهَدَةِ نَدْرِي أَنَّهُ إذَا أَكَلَ مِنْهُ فَعَلَى نَفْسِهِ أَمْسَكَ وَلَهَا صَادَ فَهُوَ حَرَامٌ. وَأَيْضًا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: ٣] وَالْكَلْبُ سَبُعٌ بِلَا خِلَافٍ فَتَحْرِيمُ مَا أَكَلَ مِنْهُ حَرَامٌ بِنَصِّ الْقُرْآنِ فَلَا يَحِلُّ إلَّا حَيْثُ أَحَلَّهُ النَّصُّ فَقَطْ. وَمِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ نا آدَم نا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ: «إذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ وَسَمَّيْتَ فَأَخَذَ فَقَتَلَ فَأَكَلَ فَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute