مِنْ طَرِيقِ إبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى وَهُوَ مَذْكُورٌ بِالْكَذِبِ، ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَكَانَ حُجَّةً عَلَيْهِمْ لِأَنَّ فِيهِ «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِهِمْ وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ «إنَّ الْخَمْرَ مِنْ الْعِنَبِ» مَانِعٌ مِنْ أَنْ تَكُونَ مِنْ غَيْرِ الْعِنَبِ أَيْضًا إذَا صَحَّ بِذَلِكَ نَصٌّ. وَقَدْ صَحَّ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ» فَسَقَطَ تَعَلُّقُهُمْ بِهِ. وَخَبَرٌ: مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ عَنْ قَيْسِ بْنِ حَبْتَرٍ النَّهْشَلِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ، وَأَمَرَ بِأَنْ يُنْبَذَ فِي الْأَسْقِيَةِ، قَالُوا: فَإِنْ اشْتَدَّ فِي الْأَسْقِيَةِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: فَصُبُّوا عَلَيْهِ الْمَاءَ، وَقَالَ لَهُمْ فِي الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ: أَهْرِيقُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْخَمْرَ، وَالْمَيْسِرَ، وَالْكُوبَةَ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» ، فَهَذَا مِنْ طَرِيقِ قَيْسِ بْنِ حَبْتَرٍ - وَهُوَ مَجْهُولٌ ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَكَانَ أَعْظَمَ حُجَّةً لَنَا عَلَيْهِمْ، لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ كُلُّهُ لِقَوْلِهِمْ، مُوَافِقٌ لِقَوْلِنَا فِي الْأَمْرِ بِهَرْقِهِ، وَقَوْلُهُ «وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» كِفَايَةٌ لِمَنْ كَانَ لَهُ مُسْكَةُ عَقْلٍ فَاعْجَبُوا لِقَوْمٍ يَحْتَجُّونَ بِمَا هُوَ نَصٌّ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِمْ إنَّ الْحَيَاءَ هَهُنَا لَعَدَمٌ؟ وَخَبَرٌ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْقُمُوصِ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ رَجُلٍ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ - نَحْسِبُ أَنَّ اسْمَهُ قَيْسُ بْنُ النُّعْمَانِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «اشْرَبُوا فِي الْجِلْدِ الْمُوكَى عَلَيْهِ فَإِنْ اشْتَدَّ فَاكْسِرُوهُ بِالْمَاءِ فَإِنْ أَعْيَاكُمْ فَأَهْرِيقُوهُ» أَبُو الْقُمُوصِ مَجْهُولٌ - ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَكَانَ حُجَّةً قَاطِعَةً مُوَافِقَةً لِقَوْلِنَا مُفْسِدَةً لِقَوْلِهِمْ بِمَا فِيهِ مِنْ الْأَمْرِ بِهَرْقِهِ إنْ لَمْ يُقْدَرْ عَلَى إبْطَالِ شِدَّتِهِ بِالْمَاءِ.
وَخَبَرٌ: مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ نا إسْمَاعِيلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ هُوَ ابْنُ عُلَيَّةَ - حَدَّثَنِي الْجُرَيْرِيُّ سَعِيدُ بْنُ إيَاسٍ عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ بْنِ الشِّخِّيرِ قَالَ: انْتَهَى أَمْرُ الْأَشْرِبَةِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «اشْرَبُوا مَا لَا يُسَفِّهُ أَحْلَامَكُمْ وَلَا يُذْهِبُ أَمْوَالَكُمْ» وَهَذَا مُرْسَلٌ ثُمَّ لَوْ انْسَنَدَ لَكَانَ حُجَّةً لَنَا، لِأَنَّهُ نَهَى عَنْ النَّوْعِ الَّذِي مِنْ طَبْعِهِ أَنْ يُسَفِّهَ الْحُلُمَ، وَيُذْهِبَ الْمَالَ، لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَ ذَلِكَ أَصْلًا؛ إذْ لَيْسَ شَيْءٌ مِنْهُ يَنْفَرِدُ بِذَلِكَ دُونَ سَائِرِهِ. وَخَبَرٌ: مِنْ طَرِيقِ عَلْقَمَةَ «سَأَلْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمُسْكِرِ؟ قَالَ: الشَّرْبَةُ الْآخِرَةُ» وَهَذَا لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ طَرِيقِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ - وَهُوَ هَالِكٌ - رُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ لَا يُصَلِّي مَعَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمَسْجِدِ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ؟ فَقَالَ: أَكْرَهُ مُزَاحَمَةَ الْبَقَّالِينَ، لَا يَنْبُلُ الْإِنْسَانُ حَتَّى يَدَعَ الصَّلَاةَ فِي الْجَمَاعَةِ - وَأَنَّهُ أَنْكَرَ السَّلَامَ عَلَى الْمَسَاكِينِ، وَقَالَ: عَلِيٌّ مِثْلُ هَؤُلَاءِ لَا يَسْلَمُ -: وَهَذِهِ جُرُحٌ ظَاهِرَةٌ؛ ثُمَّ الْأَظْهَرُ فِيهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute