وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إبَاحَةُ نَبِيذِ الْمُسْكِرِ لَا بِنَصٍّ وَلَا بِدَلِيلٍ. وَلَا إبَاحَةُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ مِنْ الْمَأْكَلِ كَالْخِنْزِيرِ وَغَيْرِهِ، وَلَا إبَاحَةُ الْخَمْرِ وَإِنَّمَا فِيهِ أَنْ لَا تُفَتِّشَ عَلَى أَخِيك الْمُسْلِمِ وَأَنْ يُسَجَّ النَّبِيذُ إذَا خِيفَ أَنْ يُسْكِرَ بِالْمَاءِ وَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِهَذَا - وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِنَا إذَا كَانَ الْمَاءُ يُحِيلُهُ عَنْ الشِّدَّةِ إلَى إبْطَالِهَا - وَقَدْ صَحَّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ تَحْرِيمُ الْمُسْكِرِ جُمْلَةً. وَخَبَرٌ: مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ وَكِيعٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ قَيْسٍ أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ إلَى حَمَّامٍ لَهُ بِالْعَاقُولِ فَأَكَلُوا مَعَهُ ثُمَّ أُوتُوا بِعَسَلٍ وَطِلَاءٍ فَقَالَ: اشْرَبُوا الْعَسَلَ أَنْتُمْ: وَشَرِبَ هُوَ الطِّلَاءَ، وَقَالَ: إنَّهُ يَسْتَنْكِرُ مِنْكُمْ وَلَا يَسْتَنْكِرُ مِنِّي قَالَ: وَكَانَتْ رَائِحَتُهُ تُوجَدُ مِنْ هُنَالِكَ، وَأَشَارَ إلَى أَقْصَى الْحَلْقَةِ عُثْمَانُ بْنُ قَيْسٍ مَجْهُولٌ. وَخَبَرٌ: مِنْ طَرِيقِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: " إنَّ الْقَوْمَ يَجْلِسُونَ عَلَى الشَّرَابِ، وَهُوَ لَهُمْ حَلَالٌ فَمَا يَقُومُونَ حَتَّى يَحْرُمَ عَلَيْهِمْ، وَهَذَا لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ، لِأَنَّهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ عَنْ شِمَاسِ بْنِ لَبِيدٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - شِمَاسٌ وَلَبِيدً مَجْهُولَانِ، وَرَجُلٌ أَجْهَلُ وَأَجْهَلُ. ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَمَا كَانَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى قَوْلِهِمْ، وَيُقَالُ لَهُمْ: مَا مَعْنَاهُ إلَّا أَنَّهُمْ يَقْعُدُونَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَغْلِيَ، وَهُوَ حَلَالٌ فَلَا يَقُومُونَ حَتَّى يَأْخُذَ فِي الْغَلَيَانِ فَيَحْرُمَ - فَهَذِهِ دَعْوَى كَدَعْوَى بَلْ هَذِهِ أَصَحُّ مِنْ دَعْوَاهُمْ لِأَنَّ قَوْلَهُمْ: إنَّ الشَّرَابَ لَا يَحْرُمُ أَصْلًا، وَإِنَّمَا يَحْرُمُ الْمُسْكِرُ وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ إلَّا أَنَّ الشَّرَابَ نَفْسَهُ يَحْرُمُ - فَصَحَّ تَأْوِيلُنَا وَبَطَلَ تَأْوِيلُهُمْ. وَخَبَرٌ: مِنْ طَرِيقِ أَبِي وَائِلٍ كُنَّا نَدْخُلُ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ فَيَسْقِينَا نَبِيذًا شَدِيدًا - وَهَذَا لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَخَبَرٌ: عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: أَكَلْت مَعَ ابْنِ مَسْعُودٍ فَأُتِينَا بِنَبِيذٍ شَدِيدٍ نَبَذَتْهُ سِيرِينَ فِي جَرَّةٍ خَضْرَاءَ فَشَرِبُوا مِنْهُ سِيرِينَ هِيَ أُمُّ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - وَهَذَا خَبَرٌ صَحِيحٌ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِمَّا أَوْرَدُوا لِقَوْلِهِمْ وِفَاقٌ إلَّا هَذَا الْخَبَرُ وَحْدَهُ إلَّا أَنَّهُ يُسْقِطُ تَعَلُّقَهُمْ بِهِ بِثَلَاثَةِ وُجُوهٍ -:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute