للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَا حُجَّةَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَالثَّانِي: أَنَّهُ قَدْ صَحَّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ تَحْرِيمُ كُلِّ مَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ مِمَّا يُسْكِرُ كَثِيرُهُ، وَعَنْ غَيْرِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ أَيْضًا فَإِذَا اخْتَلَفَ قَوْلُهُ وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَلَيْسَ بَعْضُهُمْ أَوْلَى مِنْ بَعْضٍ، وَهَذَا تَنَازُعٌ يَجِبُ بِهِ مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ الرَّدِّ عِنْدَ التَّنَازُعِ إلَى الْقُرْآنِ، وَالسُّنَّةِ. وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ عَلْقَمَةَ نَبِيذًا شَدِيدًا أَيْ خَاثِرًا لَفِيفًا حُلْوًا - فَهَذَا مُمْكِنٌ أَيْضًا. وَخَبَرٌ: عَنْ عِيسَى بْنِ أَبِي لَيْلَى أَنَّهُ مَضَى إلَى أَنَسٍ فَأَبْصَرَ عِنْدَهُ طِلَاءً شَدِيدًا - وَهَذَا لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ لِأَنَّهُ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى - وَهُوَ سَيِّئُ الْحِفْظِ - عَنْ أَخِيهِ عِيسَى، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ " شَدِيدًا " أَيْ خَاثِرًا لَفِيفًا، وَهَذِهِ صِفَةُ الرُّبِّ الْمَطْبُوخِ الَّذِي لَا يُسْكِرُ. وَرَوَى بَعْضُهُمْ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّهُ أَبَاحَ الْمُسْكِرَ، مَا لَمْ يُسْكَرْ مِنْهُ، وَلَا يَصِحُّ هَذَا عَنْ الْحَسَنِ أَصْلًا، لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ سِمَاكٍ وَهُوَ يَقْبَلُ التَّلْقِينَ كَمَا قُلْنَا عَنْ رَجُلٍ لَمْ يُسَمِّهِ - وَلَا يُعْرَفُ مَنْ هُوَ - عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ اشْرَبْ فَإِذَا رَهِبْت أَنْ تَسْكَرَ فَدَعْهُ. ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَكَانَ ظَاهِرُهُ اشْرَبْ الشَّرَابَ مَا لَمْ يُسْكِرْ فَإِذَا رَهِبْت أَنْ تَشْرَبَهُ فَتَسْكَرَ مِنْهُ فَدَعْهُ - هَكَذَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ وَكِيعٍ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ رَجُلٍ أَنَّهُ سَأَلَ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ عَنْ النَّبِيذِ؟ فَقَالَ: اشْرَبْ فَإِذَا رَهِبْت أَنْ تَسْكَرَ فَدَعْهُ. وَخَبَرٌ: عَنْ ابْنِ عُمَرَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ نَافِعٍ قَالَ: سَأَلْت ابْنَ عُمَرَ عَنْ نَبِيذٍ فِي سِقَاءٍ لَوْ نَكَهْته لَأُخِذَ مِنِّي؟ فَقَالَ: إنَّمَا الْبَغْيُ عَلَى مَنْ أَرَادَ الْبَغْيَ ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ الَّذِي صَدَّرْنَا بِهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ صَبِّهِ الْمَاءَ عَلَى النَّبِيذِ - وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ نَافِعٍ قَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ مَجْهُولٌ لَا يُدْرَى مَنْ هُوَ. وَأَيْضًا فَلَيْسَ فِي هَذَا اللَّفْظِ إبَاحَةٌ لِشُرْبِ الْمُسْكِرِ. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَنْ النَّضْرِ بْنِ مُطَرِّفٍ عَنْ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ يُنْبَذُ لَهُ فِي جُرٍّ وَيُجْعَلُ لَهُ فِيهِ عَكَرٌ - وَهَذَا بَاطِلٌ، لِأَنَّ النَّضْرَ مَجْهُولٌ، ثُمَّ هُوَ مُنْقَطِعٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>