قَالَ: فَإِنَّمَا يَخْرُجُ اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ مِنْ أَحَدِهِمَا -: قَالَ: وَمِثْلُ قَوْله تَعَالَى: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ} [الأنعام: ١٣٠] قَالَ: وَإِنَّمَا الرُّسُلُ مِنْ الْإِنْسِ لَا مِنْ الْجِنِّ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: صَدَقَ اللَّهُ وَكَذَبَ الطَّحَاوِيُّ، وَكَذَبَ مَنْ أَخْبَرَهُ بِمَا ذُكِرَ بَلْ اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ خَارِجَانِ مِنْ الْبَحْرَيْنِ اللَّذَيْنِ بَيْنَهُمَا الْبَرْزَخُ فَلَا يَبْغِيَانِ، وَلَقَدْ جَاءَتْ الْجِنَّ رُسُلٌ مِنْهُمْ بِيَقِينٍ، لِأَنَّهُمْ بِنَصِّ الْقُرْآنِ مُتَعَبَّدُونَ مَوْعُودُونَ بِالْجَنَّةِ وَالنَّارِ. وَقَدْ صَحَّ مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ نا قُتَيْبَةَ نا إسْمَاعِيلُ هُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ - عَنْ الْعَلَاءِ هُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ - عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «فُضِّلْتُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ» فَذَكَرَ مِنْهَا «وَأُرْسِلْت إلَى الْخَلْقِ كَافَّةً» . وَمِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ نا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الْعَوْفِيُّ نا هُشَيْمٌ أَنَا سَيَّارٌ نا يَزِيدُ هُوَ ابْنُ صُهَيْبٍ الْفَقِيرُ أَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي» فَذَكَرَ فِيهَا «وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إلَى النَّاسِ عَامَّةً» .
وَمِنْ طَرِيقِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ نا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ وَحُمَيْدَ كِلَيْهِمَا عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أُعْطِيتُ أَرْبَعًا لَمْ يُعْطَهَا نَبِيٌّ قَبْلِي، أُرْسِلْتُ إلَى كُلِّ أَحْمَرَ وَأَسْوَدَ» وَذَكَرَ بَاقِي الْخَبَرِ. فَصَحَّ بِنَقْلِ التَّوَاتُرِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بُعِثَ وَحْدَهُ إلَى الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَأَنَّهُ لَمْ يُبْعَثْ نَبِيٌّ قَبْلَهُ قَطُّ إلَّا إلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً. وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: ٥٦] . وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا} [الإسراء: ١٥] . فَصَحَّ يَقِينًا أَنَّهُمْ مُذْ خُلِقُوا مَأْمُورُونَ بِعِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى. وَصَحَّ بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ السُّنَنِ الْقَاطِعَةِ أَنَّهُ لَمْ يُبْعَثْ إلَيْهِمْ نَبِيٌّ مِنْ الْإِنْسِ قَبْلَ مُحَمَّدٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَالْجِنُّ لَيْسُوا قَوْمَ أَحَدٍ مِنْ الْإِنْسِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute