للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ عَلِيٌّ: وَبَقِيَ مِمَّا مَوَّهَ بِهِ مُقَلِّدُو أَبِي حَنِيفَةَ أَشْيَاءَ نُورِدُهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَنَذْكُرُ بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى فَسَادَهَا، ثُمَّ نُعَقِّبُ بِالسُّنَنِ الثَّابِتَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -. قَالَ عَلِيٌّ: قَالُوا: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا} [النحل: ٦٧] . وَقَالَ تَعَالَى: {كُلُوا وَاشْرَبُوا} [البقرة: ٦٠] . فَاقْتَضَى هَذَا إبَاحَةَ كُلِّ مَأْكُولٍ وَمَشْرُوبٍ فَلَا يَحْرُمُ بَعْدَ هَذَا إلَّا مَا أُجْمِعَ عَلَيْهِ أَوْ جَاءَ مِنْ مَجِيءِ التَّوَاتُرِ، لِأَنَّهُ زَائِدٌ عَلَى مَا فِي الْقُرْآنِ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: مِنْ هُنَا بَدَءُوا بِالتَّنَاقُضِ وَمَا خَالَفْنَاهُمْ قَطُّ لَا نَحْنُ وَلَا أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي أَنَّهُ لَمْ يُحَرِّمْ الْخَمْرَ، وَلَا الْخِنْزِيرَ، وَلَا الْمَيْتَةَ حَتَّى نَزَلَ تَحْرِيمُ كُلِّ ذَلِكَ، فَلَمَّا نَزَلَ التَّحْرِيمُ حَرَّمَ مَا نَزَلَ تَحْرِيمُهُ وَهُمْ أَوَّلُ مَنْ حَرَّمَ نَبِيذَ ثَمَرِ النَّخِيلِ بِخَبَرٍ مِنْ أَخْبَارِ الْآحَادِ غَيْرِ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ وَلَا مَنْقُولٍ نَقْلَ التَّوَاتُرِ. ثُمَّ قَالُوا: صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْخَمْرُ مِنْ هَاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ النَّخْلَةِ وَالْعِنَبَةِ» فَالْخَمْرُ لَا تَكُونُ إلَّا مِنْهُمَا هَذَا كُلُّ مَا مَوَّهُوا بِهِ، وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ بَلْ هُوَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ قَاطِعَةٌ. وَهَذَا خَبَرٌ رُوِّينَاهُ مِنْ طُرُقٍ كُلِّهَا تَرْجِعُ إلَى الْأَوْزَاعِيِّ، وَيَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَا جَمِيعًا: نا أَبُو كَثِيرٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْخَمْرُ مِنْ هَاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ النَّخْلَةِ وَالْعِنَبَةِ» . أَبُو كَثِيرٍ اسْمُهُ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. قَالَ عَلِيٌّ: فَافْتَرَقُوا فِي خِلَافِهِ عَلَى وَجْهَيْنِ -: فَأَمَّا الطَّحَاوِيُّ فَإِنَّهُ قَالَ: لَيْسَ ذِكْرُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - النَّخْلَةَ مَعَ الْعِنَبَةِ بِمُوجِبٍ أَنْ يَكُونَ الْخَمْرُ مِنْ النَّخْلَةِ بَلْ الْخَمْرُ مِنْ الْعِنَبَةِ فَقَطْ قَالَ: وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ} [الرحمن: ١٩] {بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ} [الرحمن: ٢٠] {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن: ٢١] {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} [الرحمن: ٢٢] .

<<  <  ج: ص:  >  >>