للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَسُحْقًا لِكُلِّ هَوًى يُحْمَلُ عَلَى أَنْ يُنْسَبَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلُ مِمَّا يَتَرَفَّعُ عَنْهُ كُلُّ مُجِدٍّ لَا يَرْضَى بِالْكَذِبِ، وَسَيُرَدُّونَ وَنُرَدُّ، وَيَعْلَمُونَ وَنَعْلَمُ، وَاَللَّهِ لَتَطُولَن النَّدَامَةُ عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْعَظَائِمِ - وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى هُدَاهُ لَنَا كَثِيرًا {وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} [الأعراف: ٤٣] . وَهَلْ بَيَّنَ مَا حَمَلَ عَلَيْهِ الطَّحَاوِيُّ قَوْلَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «الْخَمْرُ مِنْ هَاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ النَّخْلَةِ وَالْعِنَبَةِ» مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ الْعِنَبَةَ فَقَطْ لَا النَّخْلَةَ فَذَكَرَ النَّخْلَةَ؟ لَا نَدْرِي لِمَاذَا فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِ فَاسِقٍ يَقُولُ: الْكَذِبُ مِنْ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ مُحَمَّدٍ وَمُسَيْلِمَةِ؟ فَتَأَمَّلُوا مَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ الطَّحَاوِيُّ، وَهَذَا الْقَوْلُ تَجِدُوهُ سَوَاءً سَوَاءً فَتَحَكَّمَ الطَّحَاوِيُّ بِالْبَاطِلِ فِي هَذَا الْخَبَرِ كَمَا تَرَوْنَ وَتَحَكَّمَ أَصْحَابُهُ فِيهِ أَيْضًا بِبَاطِلَيْنِ آخَرَيْنِ -: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُمْ قَالُوا: لَيْسَ الْخَمْرُ مِنْ غَيْرِهِمَا، وَلَيْسَ هَذَا فِي الْخَبَرِ أَصْلًا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَقُلْ: لَيْسَ الْخَمْرُ إلَّا مِنْ هَاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ، إنَّمَا قَالَ «الْخَمْرُ مِنْ هَاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ» فَأَوْجَبَ أَنَّ الْخَمْرَ مِنْهُمَا، وَلَمْ يَمْنَعْ أَنْ تَكُونَ الْخَمْرُ أَيْضًا مِنْ غَيْرِهِمَا إنْ وَرَدَ بِذَلِكَ نَصٌّ صَحِيحٌ، بَلْ قَدْ جَاءَ نَصٌّ بِذَلِكَ -: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد نا مَالِكُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْمِسْمَعِيُّ نا الْمُعْتَمِرُ هُوَ ابْنُ سُلَيْمَانَ -[قَالَ] قَرَأْت عَلَى الْفُضَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ أَبِي حَرِيزٍ قَالَ: إنَّ الشَّعْبِيَّ حَدَّثَهُ أَنَّ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ حَدَّثَهُ قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «إنَّ الْخَمْرَ مِنْ الْعَصِيرِ، وَالزَّبِيبِ، وَالتَّمْرِ، وَالْحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرِ، وَالذُّرَةِ، وَإِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ» -: أَبُو حَرِيزٍ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ - قَاضِي سِجِسْتَانَ رَوَى عَنْ عِكْرِمَةَ، وَالشَّعْبِيِّ، وَرَوَى عَنْهُ الْفَضْلُ بْنُ مَيْسَرَةَ وَغَيْرُهُ. فَهَذَا نَصٌّ كَنَصِّهِمْ وَزَائِدٌ عَلَيْهِ مَا لَا يَحِلُّ تَرْكُهُ. وَقَدْ صَحَّ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ: «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ» . وَالثَّانِي: أَنَّهُمْ قَالُوا: لَيْسَ مَا طُبِخَ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ وَنَبِيذِ ثَمَرِ النَّخْلِ إذَا ذَهَبَ ثُلُثَاهُ خَمْرًا وَإِنْ أَسْكَرَ، فَتَحَكَّمُوا فِي الْخَبَرِ الَّذِي أَوْهَمُوا أَنَّهُمْ تَعَلَّقُوا بِهِ تَحَكُّمًا ظَاهِرَ الْفَسَادِ بِلَا بُرْهَانٍ، وَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِهِ إذْ خَالَفُوا مَا فِيهِ بِغَيْرِ نَصٍّ آخَرَ، وَخَرَجَ عَنْ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>