يُجْمَعَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ غَيْرِ الرُّطَبِ وَالْبُسْرِ، وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ؟ قَالَ: لَا، إلَّا أَنْ أَكُونَ نَسِيتُ؟ قُلْت لِعَطَاءٍ: أَيُجْمَعُ بَيْنَ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ يُنْبَذَانِ، ثُمَّ يُشْرَبَانِ حُلْوَيْنِ؟ قَالَ: لَا قَدْ نُهِيَ عَنْ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: لَوْ نُبِذَ شَرَابٌ فِي ظَرْفٍ قَدْ نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهُ لَمْ يُشْرَبْ حُلْوًا - وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُنَا - وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبُّ الْعَالَمِينَ.
فَهَذَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ لَمْ يَرَ النَّهْيَ يُتَعَدَّى بِهِ مَا وَرَدَ بِهِ النَّصُّ - وَهُوَ قَوْلُنَا -.
وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ قَالَ: لَوْ كَانَ فِي إحْدَى يَدَيَّ نَبِيذُ تَمْرٍ، وَفِي الْأُخْرَى نَبِيذُ زَبِيبٍ فَشَرِبْت كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَحْدَهُ لَمْ أَرَ بِهِ بَأْسًا، وَلَوْ خَلَطْته لَمْ أَشْرَبْهُ. وَصَحَّ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ أَبِي الشَّعْثَاءِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْبُسْرِ، وَالتَّمْرِ يُجْمَعَانِ فِي النَّبِيذِ؟ فَقَالَ: لَأَنْ تَأْخُذَ الْمَاءَ فَتَغْلِيَهُ فِي بَطْنِك خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَجْمَعَهُمَا جَمِيعًا فِي بَطْنِك.
وَقَالَ مَالِكٌ بِتَحْرِيمِ خَلِيطِ كُلِّ نَوْعَيْنِ فِي الِانْتِبَاذِ وَبَعْدِ الِانْتِبَاذِ، وَكَذَلِكَ فِيمَا عُصِرَ، وَلَمْ يَخُصَّ شَيْئًا مِنْ شَيْءٍ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ بِإِبَاحَةِ كُلِّ خَلِيطَيْنِ وَاحْتَجَّ لِأَبِي حَنِيفَةَ مُقَلِّدُوهُ بِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مِسْعَرٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ عَنْ عَائِشَةَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُنْبَذُ لَهُ زَبِيبٌ فَيُلْقَى فِيهِ تَمْرٌ أَوْ تَمْرٌ فَيُلْقَى فِيهِ زَبِيبٌ» - وَهَذَا لَا شَيْءَ؛ لِأَنَّهُ عَنْ امْرَأَةٍ لَمْ تُسَمَّ.
وَمِنْ طَرِيقِ زِيَادِ بْنِ يَحْيَى الْحَسَّانِيِّ أَنَا أَبُو بَحْرٍ نَا عَتَّابُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْحِمَّانِيُّ حَدَّثَتْنِي صَفِيَّةُ بِنْتُ عَطِيَّةَ أَنَّهَا سَمِعَتْ «عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ تَقُولُ - وَقَدْ سُئِلَتْ عَنْ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ - فَقَالَتْ: كُنْت آخُذُ قَبْضَةً مِنْ تَمْرٍ وَقَبْضَةً مِنْ زَبِيبٍ فَأُلْقِيهِ فِي إنَاءٍ فَأَمْرُسُهُ، ثُمَّ أَسْقِيهِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وَهَذَا مُرَدَّدٌ فِي السُّقُوطِ؛ لِأَنَّهُ عَنْ أَبِي بَحْرٍ - لَا يُدْرَى مَنْ هُوَ عَنْ عَتَّابِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْحِمَّانِيُّ - وَهُوَ مَجْهُولٌ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ عَطِيَّةَ - وَلَا تُعْرَفُ مَنْ هِيَ فَهَلْ سُمِعَ بِأَسْخَفَ مِمَّنْ يَحْتَجُّ بِمِثْلِ هَذَا عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ؟ وَيَعْتَرِضُ فِي رِوَايَةِ أَبِي عُثْمَانَ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ» .
وَأَبُو عُثْمَانَ مَشْهُورٌ قَاضِي الرَّيِّ رَوَى عَنْهُ الْأَئِمَّةُ.
وَزَادُوا ضَلَالًا فَاحْتَجُّوا بِمَا رُوِّينَاهُ عَنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أُخْبِرْتُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute