للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ: «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ: أَجْمَعُ بَيْنَ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ؟ فَقَالَ: لَا، قَالَ: لِمَ؟ قَالَ: نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: لِمَ؟ قَالَ: سَكِرَ رَجُلٌ فَحَدَّهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَمَرَ أَنْ يُنْظَرَ مَا شَرَابُهُ فَإِذَا هُوَ تَمْرٌ وَزَبِيبٌ، فَنَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَقَالَ: يُلْقَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَحْدَهُ» .

وَمِنْ طَرِيق أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ النَّجْرَانِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَكْرَانَ وَقَالَ لَهُ: أَيُّ شَيْءٍ شَرِبْتَ؟ قَالَ: تَمْرٌ وَزَبِيبٌ، قَالَ: لَا تَخْلِطُوهُمَا كُلُّ وَاحِدٍ يُلْقَى وَحْدَهُ» .

وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي التَّيَّاحِ عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُتِيَ بِنَشْوَانَ فَقَالَ: إنِّي لَمْ أَشْرَبْ خَمْرًا إنَّمَا شَرِبْتُ زَبِيبًا وَتَمْرًا فِي إنَاءٍ. فَنُهِزَ بِالْأَيْدِي وَخُفِقَ بِالنِّعَالِ وَنَهَى عَنْ الزَّبِيبِ، وَالتَّمْرِ أَنْ يُخْلَطَا»

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَمَا لِهَؤُلَاءِ الْمَخَاذِيلِ دِينٌ يَرْدَعُهُمْ، أَوْ حَيَاءٌ يَزَعُهُمْ، أَوْ عَقْلٌ يَمْنَعُهُمْ عَنْ الِاحْتِجَاجِ بِالْبَاطِلِ عَلَى الْحَقِّ؛ ثُمَّ بِمَا لَوْ صَحَّ لَكَانَ أَعْظَمَ حُجَّةً عَلَيْهِمْ، ابْنُ جُرَيْجٍ يَقُولُ: أُخْبِرْت عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ وَلَا يُسَمِّي مَنْ أَخْبَرَهُ، ثُمَّ أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ النَّجْرَانِيِّ - وَمَنْ النَّجْرَانِيُّ - لَيْتَ شِعْرِي؟ ثُمَّ هَبْكَ أَنَّنَا سَمِعْنَا كُلَّ ذَلِكَ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَمِنْ ابْنِ عُمَرَ أَلَيْسَ قَدْ أَخْبَرَا: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ جَمْعِهِمَا وَأَمَرَ بِإِفْرَادِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا؟ وَكَيْف يُجْعَلُ نَهْيُهُ نَفْسُهُ حُجَّةً فِي اسْتِبَاحَةِ مَا نَهَى عَنْهُ؟ مَا بَعْدَ هَذَا الضَّلَالِ ضَلَالٌ، وَلَا وَرَاءَ هَذِهِ الْمُجَاهَرَةِ مُجَاهَرَةٌ، وَلَوْلَا كَثْرَةُ مَنْ ضَلَّ بِاتِّبَاعِهِمْ لَكَانَ الْإِعْرَاضُ عَنْهُمْ أَوْلَى.

وَقَالُوا: إنَّمَا نُهِيَ عَنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا يُعَجِّلُ غَلَيَانَ الْآخَرِ. فَقُلْنَا: كَذَبْتُمْ وَقَفَوْتُمْ مَا لَا عِلْمَ لَكُمْ بِهِ، وَافْتَرَيْتُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا لَمْ يَقُلْهُ قَطُّ وَلَا أَخْبَرَ بِهِ - ثُمَّ هَبْ الْأَمْرَ كَمَا قُلْتُمْ؟ أَلَيْسَ قَدْ نَهَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنْهُ كَمَا ذَكَرْتُمْ؟ فَانْهَوْا عَمَّا نَهَاكُمْ عَنْهُ إنْ كَانَ فِي قُلُوبِكُمْ إيمَانٌ بِهِ؟

فَإِنْ قَالُوا: هَذَا نَدْبٌ؟ قُلْنَا: كَذَبْتُمْ وَقُلْتُمْ مَا لَا دَلِيلَ لَكُمْ عَلَيْهِ - ثُمَّ هَبْ الْأَمْرَ كَمَا قُلْتُمْ فَاكْرَهُوهُ إذًا وَانْدُبُوا إلَى تَرْكِهِ، وَأَنْتُمْ لَا تَفْعَلُونَ ذَلِكَ بَلْ هُوَ عِنْدَكُمْ وَمَا لَمْ يَنْهَ عَنْهُ أَصْلًا سَوَاءً.

<<  <  ج: ص:  >  >>