وَهَذَا كُلُّ مَا شَغَبُوا بِهِ، وَكُلُّهُ لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ لِأَنَّ كُلَّ هَذِهِ الْآثَارِ لَا خَيْرَ فِيهَا، حَاشَا حَدِيثِ عَائِشَةَ وَعُمَرَ فَهُمَا صَحِيحَانِ، وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِمَا عَلَى مَا سَنُبَيِّنُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. أَمَّا حَدِيثُ الْحَسَنِ وَيَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَمُرْسَلَانِ، وَكَمْ مِنْ مُرْسَلٍ لِلْحَسَنِ لَا يَأْخُذُونَ بِهِ، كَمُرْسَلِهِ فِي الْوُضُوءِ مِنْ الضَّحِكِ فِي الصَّلَاةِ، لَا يَأْخُذُ بِهِ الْمَالِكِيُّونَ وَالشَّافِعِيُّونَ، وَكَمُرْسَلِهِ «إنَّ الْأَرْضَ لَا تَنْجُسُ» لَا يَأْخُذُ بِهِ الْحَنَفِيُّونَ، وَكَذَلِكَ لِيَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَمِمَّا يُوجِبُ الْمَقْتَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَجْعَلُوا الْمُرْسَلَ حُجَّةً، ثُمَّ لَا يَأْخُذُونَ بِهِ، أَوْ أَنْ لَا يَرَوْهُ حُجَّةً ثُمَّ يَحْتَجُّونَ بِهِ، فَيَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ} [غافر: ٣٥] . وَأَمَّا حَدِيثَا ابْنِ عَبَّاسٍ فَأَحَدُهُمَا مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ النَّيْسَابُورِيِّ، وَهُوَ مَعْرُوفٌ بِوَضْعِ الْأَحَادِيثِ وَالْكَذِبِ وَالثَّانِي مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنْ عِكْرِمَةَ وَقَدْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو - هَذِهِ نَفْسَهَا - عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ أَتَى بَهِيمَةً فَاقْتُلُوهُ وَاقْتُلُوهَا مَعَهُ» فَإِنْ كَانَ خَبَرُ عَمْرٍو حُجَّةً فَلْيَأْخُذُوا بِهَذَا، وَإِنْ كَانَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ فَلَا يَحِلُّ لَهُمْ الِاحْتِجَاجُ بِهِ فِي رَدِّ السُّنَنِ الثَّابِتَةِ، وَأَمَّا عَمْرٌو فَضَعِيفٌ لَا نَحْتَجُّ بِهِ لَنَا، وَلَا نَقْبَلُهُ حُجَّةً عَلَيْنَا، وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا يَحِلُّ خِلَافُهُ، وَلَوْ احْتَجَجْنَا بِهِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ لَأَخَذْنَا بِخَبَرِهِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ. فَإِنْ قَالُوا: قَدْ صَحَّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ خِلَافُ مَا رَوَى عَنْهُ عَمْرٌو فِي قَتْلِ الْبَهِيمَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute