وَمَنْ أَتَاهَا، قُلْنَا لَهُمْ: وَقَدْ صَحَّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ خِلَافُ مَا رَوَى عَنْهُ عَمْرٌو فِي إسْقَاطِ غُسْلِ الْجُمُعَةِ وَلَا فَرْقَ، ثُمَّ لَوْ صَحَّ حَدِيثُ عَمْرٍو هَذَا لِمَا كَانَ لَهُمْ فِيهِ حُجَّةٌ، بَلْ لَكَانَ لَنَا حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا الْأَمْرَ بِالْغُسْلِ وَإِيجَابَهُ، وَأَمَّا كُلُّ مَا تَعَلَّقُوا بِهِ مِنْ إسْقَاطِ وُجُوبِ الْغُسْلِ فَلَيْسَ مِنْ كَلَامِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَظَنِّهِ، وَلَا حُجَّةَ فِي أَحَدٍ دُونَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -.
وَأَمَّا حَدِيثُ سَمُرَةَ فَإِنَّمَا هُوَ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ، وَلَا يَصِحُّ لِلْحَسَنِ سَمَاعٌ مِنْ سَمُرَةَ إلَّا حَدِيثُ الْعَقِيقَةِ وَحْدَهُ، فَإِنْ أَبَوْا إلَّا الِاحْتِجَاجَ بِهِ، قُلْنَا لَهُمْ: قَدْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ قَتَلْنَاهُ وَمَنْ جَدَعَهُ جَدَعْنَاهُ» وَالْحَنَفِيُّونَ وَالْمَالِكِيُّونَ وَالشَّافِعِيُّونَ لَا يَأْخُذُونَ بِهَذَا، وَرُوِّينَا أَيْضًا عَنْهُ عَنْ سَمُرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «عُهْدَةُ الرَّقِيقِ أَرْبَعٌ» وَهُمْ لَا يَأْخُذُونَ بِهَذَا. وَمِنْ الْبَاطِلِ وَالْعَارِ احْتِجَاجُهُمْ فِي الدِّينِ بِرِوَايَةِ مَا إذَا وَافَقَتْ تَقْلِيدَهُمْ، وَمُخَالَفَتُهُمْ لَهَا بِعَيْنِهَا إذَا خَالَفَتْ تَقْلِيدَهُمْ، مَا نَرَى دِينًا يَبْقَى مَعَ هَذَا لِأَنَّهُ اتِّبَاعُ الْهَوَى فِي الدِّينِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ فَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ وَهُوَ ضَعِيفٌ، صَحَّ عَنْ شُعْبَةَ أَنَّهُ قَالَ: لَأَنْ أَقْطَعَ الطَّرِيقَ وَأَزْنِيَ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَرْوِيَ عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، وَرُبَّ حَدِيثٍ لِيَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ تَرَكُوهُ لَمْ يَحْتَجُّوا فِيهِ إلَّا بِضَعْفِهِ فَقَطْ، وَمِنْ رِوَايَةِ الضَّحَّاكِ بْنِ حَمْزَةَ، وَهُوَ هَالِكٌ، عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ، وَهُوَ سَاقِطٌ، عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ. ثُمَّ نَظَرْنَا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ فَوَجَدْنَاهُ سَاقِطًا لِأَنَّهُ لَمْ يُرْوَ إلَّا مِنْ طُرُقٍ فِي أَحَدِهَا رَجُلٌ مَسْكُوتٌ عَنْ اسْمِهِ لَا يُعْرَفُ مَنْ هُوَ، وَفِي ثَانِيهمَا أَبُو سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ وَهُوَ مَجْهُولٌ، وَفِي الثَّالِثِ مِنْهَا الْحَسَنُ عَنْ جَابِرٍ وَلَا يَصِحُّ سَمَاعُ الْحَسَنِ مِنْ جَابِرٍ.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سُمْرَةَ فَهُوَ مِنْ طَرِيقِ سَلَمِ بْنِ سُلَيْمَانَ أَبِي هِشَامٍ الْبَصْرِيِّ وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ الْهُذَلِيِّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute