للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْخَطَأِ، وَمَنْ قَلَّدَهُمْ فَقَدْ خَالَفَ أَمْرَ اللَّهِ تَعَالَى فِي أَنْ لَا نَتَّبِعَ مَا أُنْزِلَ إلَيْنَا، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَضَائِلُ وَمُشَاهَدٌ تَعْفُو عَنْ كُلِّ تَقْصِيرٍ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِمْ.

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ عَنْ رَجُلٍ نَذَرَ نَذْرًا لَا يَنْبَغِي لَهُ ذَكَرَ؛ لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ؟ فَأَمَرَهُ أَنْ يُوَفِّيَهُ - ثُمَّ سَأَلَ عِكْرِمَةَ؟ فَنَهَاهُ عَنْ الْوَفَاءِ بِهِ، وَأَمَرَهُ بِكَفَّارَةِ يَمِينٍ فَرَجَعَ إلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَأَخْبَرَهُ؟ فَقَالَ سَعِيدٌ: لَيَنْتَهِيَنَّ عِكْرِمَةُ أَوْ لَيُوجِعَنَّ الْأُمَرَاءُ ظَهْرَهُ، فَرَجَعَ إلَى عِكْرِمَةَ فَأَخْبَرَهُ؟ فَقَالَ لَهُ عِكْرِمَةُ: إذْ بَلَّغَتْنِي فَبَلِّغْهُ، أَمَّا هُوَ فَقَدْ ضَرَبَتْ الْأُمَرَاءُ ظَهْرَهُ، وَأَوْقَفُوهُ فِي تُبَّانِ شَعْرٍ، وَسَلْهُ عَنْ نَذْرِك أَطَاعَةٌ لِلَّهِ هُوَ أَمْ مَعْصِيَةٌ؟ فَإِنْ قَالَ: مَعْصِيَةٌ لِلَّهِ، فَقَدْ أَمَرَك بِالْمَعْصِيَةِ؟ وَإِنْ قَالَ هُوَ طَاعَةٌ لِلَّهِ، فَقَدْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ، إذْ زَعَمَ أَنَّ مَعْصِيَةَ اللَّهِ طَاعَةٌ لَهُ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْعَلَاءِ عَنْ رِشْدِينَ بْنِ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: إنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَنْحَرَ نَفْسِي؟ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - بِأَنْ يُهْدِيَ مِائَةَ نَاقَةٍ، وَأَنْ يَجْعَلَهَا فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، قَالَ: فَإِنَّكَ لَا تَجِدُ مَنْ يَأْخُذُهُ مِنْكَ بَعْدَ أَنْ سَأَلَهُ: أَلَكَ مَالٌ؟ فَقَالَ: نَعَمْ» .

وَقَدْ خَالَفَ الْحَنَفِيُّونَ، وَالْمَالِكِيُّونَ مَا رُوِيَ عَنْ الصَّحَابَةِ فِي هَذَا، فَلَا مَا يُوهَمُونَ مِنْ اتِّبَاعِ الصَّحَابَةِ الْتَزَمُوا، وَلَا النَّصَّ الْمُفْتَرَضَ عَلَيْهِمْ اتَّبَعُوا، وَلَا بِالْمُرْسَلِ أَخَذُوا، وَهُمْ يَقُولُونَ: إنَّ الْمُرْسَلَ وَالْمُسْنَدَ سَوَاءٌ -: وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَقَالَ: مَنْ نَذَرَ نَحْرَ وَلَدِهِ، أَوْ نَحْرَ نَفْسِهِ، أَوْ نَحْرَ غُلَامِهِ، أَوْ نَحْرَ وَالِدِهِ، أَوْ نَحْرَ أَجْنَبِيٍّ، أَوْ إهْدَاءَهُ، أَوْ إهْدَاءَ وَلَدِهِ، أَوْ إهْدَاءَ وَالِدِهِ - فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ ذَلِكَ، إلَّا فِي وَلَدِهِ خَاصَّةً، فَيَلْزَمُهُ فِيهِ هَدْيُ شَاةٍ - وَهَذَا مِنْ التَّخْلِيطِ الَّذِي لَا نَظِيرَ لَهُ - وَوَافَقَهُ عَلَى كُلِّ ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، إلَّا أَنَّهُ قَالَ: وَعَلَيْهِ فِي عَبْدِهِ أَيْضًا شَاةٌ.

وَاضْطَرَبَ قَوْلُ مَالِكٍ، فَمَرَّةً قَالَ: مَنْ حَلَفَ فَقَالَ: أَنَا أَنْحَرُ ابْنِي إنْ فَعَلْت كَذَا، فَحِنْثَ، فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ -: وَمَرَّةً قَالَ: إنْ كَانَ نَوَى بِذَلِكَ الْهَدْيَ فَعَلَيْهِ هَدْيٌ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَنْوِ هَدْيًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، لَا هَدْيٌ وَلَا كَفَّارَةٌ.

وَمَرَّةً قَالَ: إنْ نَذَرَ ذَلِكَ عِنْدَ مَقَامِ إبْرَاهِيمَ، فَعَلَيْهِ هَدْيٌ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عِنْدَ مَقَامِ إبْرَاهِيمَ، فَكَفَّارَةُ يَمِينٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>