للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجَدَهُ، ثُمَّ يَرْجِعُ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ عَلَى صَاحِبِهِ فَيَقْتَسِمَانِ مَا بَقِيَ لِلْغَرِيمِ حِينَئِذٍ، وَالْقِسْمَةُ الْأُولَى فَاسِدَةٌ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَجْعَلْ لِلْوَرَثَةِ إلَّا بَعْدَ الْوَصِيَّةِ، وَالدَّيْنِ.

وَأَمَّا الْغَاصِبُ يَهَبُ مَا غَصَبَ فَحَقُّ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ عِنْدَ الْغَاصِبِ، وَحَقُّ الْغَاصِبِ أَنْ يَرْجِعَ بِمَا يُؤَدِّي عَلَى الَّذِي وَهَبَهُ إيَّاهُ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ إنْ طَلَبَ الْغَاصِبَ طَلَبَهُ بِحَقِّهِ عِنْدَهُ، وَإِنْ طَلَبَ الْمَوْهُوبَ لَهُ طَلَبَهُ بِحَقِّ الْغَاصِبِ عِنْدَهُ مِنْ رَدِّ مَا وَهَبَهُ بِالْبَاطِلِ، فَإِذَا فَعَلَ اسْتَحَقَّ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِحَقِّهِ عِنْدَ الْغَاصِبِ، وَهَكَذَا كُلُّ مَا انْتَقَلَ ذَلِكَ الْمَالُ بِغَيْرِ حَقٍّ.

وَأَمَّا الشَّفِيعُ فَإِنَّهُ مُخَيَّرٌ إمْضَاءَ الْبَيْعِ أَوْ رَدِّهِ، فَهُوَ يُمْضِي بَيْعَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ وَيَرُدُّ بَيْعَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ بِحَقِّ الشُّفْعَةِ - فَظَهَرَ فَسَادُ تَنْظِيرِهِمْ.

وَبِاَللَّهِ تَعَالَى نَتَأَيَّدُ.

وَاحْتَجُّوا عَلَى خَبَرِ أَبِي قَتَادَةَ الَّذِي ذَكَرْنَا بِخَبَرٍ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «مَاتَ رَجُلٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعَلَيْهِ دَيْنٌ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، دِينَارَانِ، فَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ، فَتَحَمَّلَهُمَا أَبُو قَتَادَةَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَقُّ الْغَرِيمِ عَلَيْكَ، وَبَرِيءَ مِنْهُمَا الْمَيِّتُ؟ قَالَ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَصَلَّى عَلَيْهِ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ الْغَدِ قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِأَبِي قَتَادَةَ: مَا فَعَلَ الدِّينَارَانِ؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّمَا دَفَنَّاهُ أَمْسِ، ثُمَّ أَتَاهُ بَعْدُ فَقَالَ لَهُ: مَا فَعَلَ الدِّينَارَانِ؟ قَالَ: قَضَيْتُهُمَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: الْآنَ بَرَّدْتَ عَلَيْهِ جِلْدَهُ» .

وَبِخَبَرَيْنِ آخَرَيْنِ لَا يَصِحَّانِ -: أَحَدُهُمَا: «نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ» .

وَالْآخَرُ، فِيهِ: أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ لِعَلِيٍّ إذْ ضَمِنَ دَيْنَ الْمَيِّتِ: «فَكَّ اللَّهُ رِهَانَكَ كَمَا فَكَكْتَ رِهَانَ أَخِيكَ» . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا مِنْ الْعَجَبِ احْتِجَاجُهُمْ بِأَخْبَارٍ هِيَ أَعْظَمُ حُجَّةً عَلَيْهِمْ. أَمَّا: «فَكَّ اللَّهُ رِهَانَكَ كَمَا فَكَكْتَ رِهَانَ أَخِيكَ» فَلَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ وَلَا نَصٌّ عَلَى مَا يَدَّعُونَهُ مِنْ بَقَاءِ الدَّيْنِ عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ. وَنَحْنُ نَقُولُ: إنَّهُ قَدْ فَكَّ رِهَانَهُ بِضَمَانِهِ دَيْنَهُ فَقَطْ، فَإِنَّهُ حَوَّلَ دَيْنَهُ عَلَى نَفْسِهِ حَيًّا كَانَ الْمَضْمُونُ عَنْهُ أَوْ مَيِّتًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>