للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ مُدَّةَ أَبِي بَكْرٍ ثُمَّ مُدَّةَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - لَا أَحَدَ يُخَالِفُ فِي ذَلِكَ، فَأَيُّ عَجَبٍ أَعْجَبُ مِنْ هَذَا؟

وَلَا يَرَى أَيْضًا آخِرَ صَلَاةٍ صَلَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِجَمِيعِ الْحَاضِرِينَ مِنْ أَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَلَمْ يَخْفَ ذَلِكَ عَمَّنْ غَابَ مِنْهُ بَعْدَ أَنْ بَدَأَ أَبُو بَكْرٍ بِالصَّلَاةِ بِهِمْ صَوَابًا وَلَا سُنَّةً وَلَا إجْمَاعًا.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: ثُمَّ هُمْ مُخْتَلِفُونَ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُبَاعُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فِي دِيَتِهِ، وَلَا يُسَلَّمُ، وَلَا يَفْدِيه سَيِّدُهُ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمَأْذُونِ فَهُوَ الَّذِي يُبَاعُ، أَوْ يُسَلَّمُ، أَوْ يُفْدَى.

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُبَاعُ الْمَأْذُونُ، وَلَا غَيْرُ الْمَأْذُونِ فِي دَيْنٍ، وَلَا يُسَلَّمُ وَلَا يُفْدَى، وَأَمَّا جِنَايَتُهُمَا فَيُبَاعَانِ فِيهِمَا، أَوْ يُسَلَّمَانِ أَوْ يُفْدَيَانِ.

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْمَأْذُونُ وَغَيْرُ الْمَأْذُونِ سَوَاءٌ، وَالدَّيْنُ وَالْجِنَايَةُ سَوَاءٌ، كِلَاهُمَا يُبَاعُ فِي كُلِّ ذَلِكَ، أَوْ يُسَلِّمُهُ سَيِّدُهُ أَوْ يَفْدِيه.

فَهَذِهِ أَقْوَالٌ كَمَا تَرَوْنَهَا مَا نَحْتَاجُ فِي رَدِّهَا إلَى أَكْثَرَ مِنْ إيرَادِهَا؛ لِأَنَّ كُلَّ طَائِفَةٍ تُخَطِّئُ الْأُخْرَى، وَتُبْطِلُ قَوْلَهَا وَكُلُّهَا بَاطِلٌ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ: إنْ قَتَلَ الْعَبْدُ حُرًّا فَلَيْسَ إلَّا الْقَوَدُ أَوْ الْعَفْوُ، وَهُوَ لِسَيِّدِهِ كَمَا كَانَ، إنْ عَفَا عَنْهُ - وَكَذَلِكَ الْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ.

قَالُوا: فَإِنْ قَتَلَ الْعَبْدُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا خَطَأً، أَوْ جَنَى عَلَى مَا دُونَ النَّفْسِ مِنْ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ عَمْدًا أَوْ خَطَأً - قَلَّتْ الْجِنَايَةُ أَوْ كَثُرَتْ - كُلِّفَ سَيِّدُهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، أَوْ إلَى وَلِيِّهِ - كَثُرَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِمْ أَمْ قَلُّوا - أَوْ يَفْدِيه بِجَمِيعِ أُرُوشِ الْجِنَايَاتِ.

قَالُوا: فَإِنْ جَنَى فِي مَالٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى السَّيِّدِ إلَّا أَنْ يُبَاعَ فِي جِنَايَتِهِ فَإِنْ وَفَّى ثَمَنُهُ بِالْجِنَايَاتِ فَذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَفِ بِهَا فَلَا شَيْءَ عَلَى السَّيِّدِ، وَلَا عَلَى الْعَبْدِ، وَإِنْ فَضَلَ فَضْلٌ كَانَ لِلسَّيِّدِ.

قَالُوا: فَإِنْ جَنَى الْمُدَبَّرُ فَقَتَلَ خَطَأً، أَوْ جَنَى فِيمَا دُونَ النَّفْسِ، فَعَلَى سَيِّدِهِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ، أَوْ الدِّيَةِ لَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُ ذَلِكَ، إلَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الْجِنَايَةِ عَشَرَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>