وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ نا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ الْبَرْصَاءِ قَالَ: بَايَعْت ابْنَ عُمَرَ بَيْعًا فَقَالَ لِي: إنْ جَاءَتْنَا نَفَقَتُنَا إلَى ثَلَاثِ لَيَالٍ فَالْبَيْعُ بَيْعُنَا، وَإِنْ لَمْ تَأْتِنَا نَفَقَتُنَا إلَى ذَلِكَ فَلَا بَيْعَ بَيْنَنَا وَبَيْنَك، وَلَك سِلْعَتُك؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَا نَعْلَمُ عَنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فِي بَيْعِ الْخِيَارِ شَيْئًا غَيْرَ هَذَا، وَهُوَ كُلُّهُ خِلَافٌ لِأَقْوَالِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَهَذِهِ عِنْدَهُمْ بُيُوعٌ فَاسِدَةٌ مَفْسُوخَةٌ، فَأَيْنَ تَهْوِيلُهُمْ بِالصَّاحِبِ الَّذِي لَا يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ؟ نَعَمْ، وَإِنْ عُرِفَ لَهُ مُخَالِفٌ.
وَأَيْنَ رَدُّهُمْ السُّنَّةَ الثَّابِتَةَ فِي أَنْ لَا بَيْعَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ حَتَّى يَتَفَرَّقَا أَوْ يُخَيِّرَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ بَعْدَ الْبَيْعِ بِرِوَايَةِ شَيْخٍ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ عَنْ عُمَرَ الْبَيْعُ عَنْ صَفْقَةٍ أَوْ خِيَارٍ؟ وَلَيْسَ فِي هَذَا لَوْ صَحَّ خِلَافٌ لِلسُّنَّةِ، بَلْ قَدْ صَحَّ عَنْ عُمَرَ وَغَيْرِ عُمَرَ مِنْ الصَّحَابَةِ مُوَافَقَةُ السُّنَّةِ فِي ذَلِكَ، وَإِجَازَةُ رَدِّ الْبَيْعِ قَبْلَ التَّخْيِيرِ وَالتَّفَرُّقِ.
ثُمَّ هَانَ عَلَيْهِمْ هَهُنَا خِلَافُ عَمَلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَنَافِعِ بْنِ الْحَارِثِ، وَصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ - وَكُلُّهُمْ صَحَابَةٌ -: الْعَمَلَ الْمَشْهُورَ الَّذِي لَا يُمْكِنُ أَنْ يَخْفَى بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ بِالْمَدِينَةِ، وَمَكَّةَ، وَلَا يُعْرَفُ لَهُمْ فِي ذَلِكَ مُخَالِفٌ، وَلَا عَلَيْهِمْ مِنْهُمْ مُنْكِرٌ مِمَّنْ يُجِيزُ الْبَيْعَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ أَصْلًا بِأَصَحِّ طَرِيقٍ وَأَثْبَتِهِ فِي أَشْهَرِ قِصَّةٍ، وَهِيَ ابْتِيَاعُ دَارٍ لِلسَّجْنِ بِمَكَّةَ، وَمَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ بِهَا لِلسَّجْنِ دَارٌ أَصْلًا.
ثُمَّ فَعَلَ ابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ مُطِيعٍ - وَهُمَا صَاحِبَانِ - يَبْتَاعَانِ كَمَا تَرَى بِخِيَارٍ إنْ أَخَذَا إلَى غَيْرِ مُدَّةٍ مُسَمَّاةٍ - وَعُمَرُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَصَفْوَانُ، وَنَافِعٌ يَتَبَايَعُونَ عَلَى الرِّضَا إلَى غَيْرِ مُدَّةٍ مُسَمَّاةٍ، لَا يُعْرَفُ لَهُمْ فِي ذَلِكَ مُخَالِفٌ مِمَّنْ يُجِيزُ الْبَيْعَ بِشَرْطِ خِيَارٍ، فَاعْجَبُوا لِأَقْوَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ؟ وَأَمَّا التَّابِعُونَ: فَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ نا مَعْمَرٌ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي السِّلْعَةَ عَلَى الرِّضَا؟ قَالَ: الْخِيَارُ لِكِلَيْهِمَا حَتَّى يَفْتَرِقَا عَنْ رِضًا.
وَبِهِ إلَى مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ إذَا بِعْت شَيْئًا عَلَى الرِّضَا فَلَا تَخْلِطْ الْوَرِقَ بِغَيْرِهَا حَتَّى تَنْظُرَ أَيَأْخُذُ أَمْ يَرُدُّ.
وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ نا هُشَيْمٌ نا يُونُسُ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ: إذَا أَخَذَ الرَّجُلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute