قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَحَدَّثَنِي أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ عَنْ السَّبِيعِيِّ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ عُمَرَ عَنْ رَبِيعَةَ الرَّأْيِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِوَضْعِ الْجَائِحَةِ إذَا بَلَغَتْ ثُلُثَ الثَّمَرِ فَصَاعِدًا» .
قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَحَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ خَالِدِ بْنِ إيَاسٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «خَمْسٌ مِنْ الْجَوَائِحِ: الرِّيحُ، وَالْبَرَدُ، وَالْحَرِيقُ، وَالْجَرَادُ، وَالسَّيْلُ» .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا كُلُّهُ كَذِبٌ: عَبْدُ الْمَلِكِ مَذْكُورٌ بِالْكَذِبِ.
وَالْأَوَّلُ مُرْسَلٌ مَعَ ذَلِكَ.
وَالسَّبِيعِيُّ مَجْهُولٌ لَا يَدْرِي أَحَدٌ مَنْ هُوَ؟ وَعَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَرَ ضَعِيفٌ وَهُوَ أَيْضًا مُرْسَلٌ - فَسَقَطَ كُلُّ ذَلِكَ، وَخَالِدُ بْنُ إيَاسٍ سَاقِطٌ - ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَمَا كَانَ فِيهِ أَمْرٌ بِإِسْقَاطِ الْجَوَائِحِ أَصْلًا، لَا بِنَصٍّ، وَلَا بِدَلِيلٍ، إلَّا أَنَّ الْحَنَفِيِّينَ الَّذِينَ يَحْتَجُّونَ بِرِوَايَاتِ الْكَذَّابِينَ وَمُرْسَلَاتِهِمْ: كَمُبَشِّرِ بْنِ عُبَيْدٍ الْحَلَبِيِّ، وَجَابِرٍ الْجُعْفِيِّ؛ وَغَيْرِهِمَا: فَلَا عُذْرَ لَهُمْ فِي أَنْ لَا يَأْخُذُوا بِهَذِهِ الْمَرَاسِيلِ - وَهَذَا مِمَّا تَنَاقَضُوا فِيهِ.
وَذَكَرَ الْمَالِكِيُّونَ عَمَّنْ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ حَبِيبٍ نا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ضُمَيْرَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: أَنَّهُ كَانَ يَقْضِي بِوَضْعِ الْجَائِحَةِ إذَا بَلَغَتْ ثُلُثَ الثَّمَرِ فَصَاعِدًا.
وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ حَبِيبٍ أَيْضًا حَدَّثَنِي الْحُذَافِيُّ عَنْ الْوَاقِدِيِّ عَنْ مُوسَى بْنِ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: بَاعَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ مِنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَيْنًا لَهُ فَأَصَابَهُ الْجَرَادُ فَأَذْهَبَهُ أَوْ أَكْثَرَهُ، فَاخْتَصَمَا إلَى عُثْمَانَ فَقَضَى عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِرَدِّ الثَّمَنِ إلَى سَعْدٍ.
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَكَانَ سَهْلُ بْنُ أَبِي حَثْمَةَ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالْقَاسِمُ، وَسَالِمٌ، وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ -: يَرَوْنَ الْجَائِحَةَ مَوْضُوعَةً عَنْ الْمُشْتَرِي إذَا بَلَغَتْ الثُّلُثَ فَصَاعِدًا.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا كُلُّهُ بَاطِلٌ، لِأَنَّهُ كُلُّهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ حَبِيبٍ، ثُمَّ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ضُمَيْرَةَ مُطْرَحٌ، مُتَّفَقٌ عَلَى أَنْ لَا يُحْتَجَّ بِرِوَايَتِهِ، وَأَبُوهُ مَجْهُولٌ، وَالْوَاقِدِيُّ مَذْكُورٌ بِالْكَذِبِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute