للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى الْبَلْخِيّ نا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ نا مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «إنَّ مُنْقِذًا سُفِعَ فِي رَأْسِهِ مَأْمُومَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَخَبَلَتْ لِسَانَهُ فَكَانَ يُخْدَعُ فِي الْبَيْعِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: بِعْ، وَقُلْ: لَا خِلَابَةَ، ثُمَّ أَنْتَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا مِنْ بَيْعِكَ» .

قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَسَمِعْته يَقُولُ إذَا بَايَعَ: لَا خِلَابَةَ لَا خِلَابَةَ. ١٤٤٤ -.

مَسْأَلَةٌ: فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَنْ يَقُولَ " لَا خِلَابَةَ " قَالَهَا كَمَا يَقْدِرُ لِآفَةٍ بِلِسَانِهِ أَوْ لِعُجْمَةٍ، فَإِنْ عَجَزَ جُمْلَةً قَالَ بِلُغَتِهِ مَا يُوَافِقُ مَعْنَى " لَا خِلَابَةَ " وَلَهُ الْخِيَارُ الْمَذْكُورُ، أَحَبَّ الْبَائِعُ أَمْ كَرِهَ.

بُرْهَانُ ذَلِكَ -: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ مُنْقِذًا أَنْ يَقُولَهَا، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَقُولُ إلَّا: لَا خِذَابَةَ» وَقَالَ تَعَالَى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦] .

١٤٤٥ - مَسْأَلَةٌ: فَإِنْ رَضِيَ فِي الثَّلَاثِ وَأَسْقَطَ خِيَارَهُ لَزِمَهُ الْبَيْعُ، وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَ لَهُ الْخِيَارُ ثَلَاثًا، فَلَوْ كَانَ لَا يَلْزَمُهُ الرِّضَا إنْ رَضِيَ فِي الثَّلَاثِ لَكَانَ إنَّمَا جَعَلَ لَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - الْخِيَارَ فِي الرَّدِّ فَقَطْ لَا فِي الرِّضَا - وَهَذَا بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَجْمَلَ لَهُ الْخِيَارَ فَكَانَ عُمُومًا لِكُلِّ مَا يَخْتَارُ مِنْ رِضًا أَوْ رَدٍّ.

وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لَا يَنْقَطِعُ بِإِسْقَاطِهِ إيَّاهُ وَإِقْرَارِهِ بِالرِّضَا لَوَجَبَ أَيْضًا ضَرُورَةَ أَنْ لَا يَنْقَطِعَ خِيَارُهُ وَإِنْ رَدَّ الْبَيْعَ حَتَّى يَنْقَضِيَ الثَّلَاثُ وَهَذَا مُحَالٌ -: فَظَاهِرُ اللَّفْظِ وَمَعْنَاهُ: أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ مُدَّةَ الثَّلَاثِ إنْ شَاءَ رَدَّ فَيَبْطُلَ الْبَيْعُ وَلَا رِضَا لَهُ بَعْدَ الرَّدِّ، وَإِنْ شَاءَ رَضِيَ فَيَصِحَّ الْبَيْعُ وَلَا رَدَّ لَهُ بَعْدَ الرِّضَا -: لَا يَحْتَمِلُ أَمْرُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - غَيْرَ هَذَا أَصْلًا فَإِنْ لَمْ يَلْفِظْ بِالرِّضَا وَلَا بِالرَّدِّ: لَمْ يَجُزْ أَنْ يُجْبَرَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَبَقِيَ عَلَى خِيَارِهِ إلَى انْقِضَاءِ الثَّلَاثِ - إنْ شَاءَ رَدَّ وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ - فَإِنْ انْقَضَتْ الثَّلَاثُ وَلَمْ يَرُدَّ فَقَدْ لَزِمَهُ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>