للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيْعٌ صَحِيحٌ جُعِلَ لَهُ الْخِيَارُ فِي رَدِّهِ ثَلَاثًا، لَا أَكْثَرَ - فَإِنْ لَمْ يُبْطِلْهُ فَلَا إبْطَالَ لَهُ بَعْدَ الثَّلَاثِ، إلَّا مِنْ عَيْبٍ كَسَائِرِ الْبُيُوعِ، وَبَقِيَ الْبَيْعُ بِصِحَّتِهِ لَمْ يَبْطُلْ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. ١٤٤٦ -.

مَسْأَلَةٌ: فَإِنْ قَالَ لَفْظًا غَيْرَ " لَا خِلَابَةَ " لَكِنْ أَنْ يَقُولَ: لَا خَدِيعَةَ، أَوْ لَا غِشَّ، أَوْ لَا كَيْدَ، أَوْ لَا غَبْنَ، أَوْ لَا مَكْرَ، أَوْ لَا عَيْبَ، أَوْ لَا ضَرَرَ، أَوْ عَلَى السَّلَامَةِ، أَوْ لَا دَاءَ، وَلَا غَائِلَةَ، أَوْ لَا خُبْثَ، أَوْ نَحْوَ هَذَا -: لَمْ يَكُنْ لَهُ الْخِيَارُ الْمَجْعُولُ لِمَنْ قَالَ: لَا خِلَابَةَ، لَكِنْ إنْ وَجَدَ شَيْئًا مِمَّا بَايَعَ عَلَى أَنْ لَا يَعْقِدَ بَيْعُهُ عَلَيْهِ: بَطَلَ الْبَيْعُ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ لَزِمَهُ الْبَيْعُ.

بُرْهَانُ ذَلِكَ -: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا أَمَرَ فِي الدِّيَانَةِ بِأَمْرٍ، وَنَصَّ فِيهِ بِلَفْظٍ مَا: لَمْ يَجُزْ تَعَدِّي ذَلِكَ اللَّفْظِ إلَى غَيْرِهِ - وَسَوَاءٌ كَانَ فِي مَعْنَاهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ - مَا دَامَ قَادِرًا عَلَى ذَلِكَ اللَّفْظِ، إلَّا بِنَصٍّ آخَرَ يُبَيِّنُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَدْ حَدَّ فِي ذَلِكَ حَدًّا فَلَا يَحِلُّ تَعَدِّيهِ؟ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا} [النساء: ١٤] .

وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم: ٣] {إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: ٤]

وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} [الطلاق: ١]

وَلَوْ جَازَ غَيْرُ هَذَا لَجَازَ الْأَذَانُ بِأَنْ يَقُولَ: الْعَزِيزُ أَجَلْ، أَنْتَ لَنَا رَبٌّ إلَّا الرَّحْمَنُ، أَنْتَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مَبْعُوثٌ مِنْ الرَّحْمَنِ، هَلُمُّوا نَحْوِ الظُّهْرِ، هَلُمُّوا نَحْوَ الْبَقَاءِ، الْعَزِيزُ أَعْظَمُ، لَيْسَ لَنَا رَبٌّ إلَّا الرَّحِيمُ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: مَنْ أَذَّنَ هَكَذَا فَحَقُّهُ أَنْ يُسْتَتَابَ؟ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَهْزِئٌ بِآيَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مُتَعَدٍّ لِحُدُودِ اللَّهِ.

وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا ذَكَرْنَاهُ وَبَيْنَ مَا أَمَرَ بِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي أَلْفَاظِ الصَّلَاةِ، وَالْأَذَانِ، وَالْإِقَامَةِ، وَالتَّلْبِيَةِ، وَالنِّكَاحِ، وَالطَّلَاقِ، وَسَائِرِ الشَّرِيعَةِ، وَعَلَى الْمُفَرِّقِ الدَّلِيلُ؟ وَإِلَّا فَهُوَ مُبْطِلٌ.

وَأَمَّا مَنْ أَجَازَ مُخَالَفَةَ الْأَلْفَاظِ الْمَحْدُودَةِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ، وَأَجَازَ تَنْكِيسَهَا، وَقِرَاءَةَ الْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ بِالْأَعْجَمِيَّةِ - وَهُوَ فَصِيحٌ بِالْقُرْآنِ -: فَمَا عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ بِتَنْكِيسِ الصَّلَاةِ؟ فَيَبْدَؤُهَا بِالتَّسْلِيمِ، ثُمَّ بِالْقُعُودِ، وَالتَّشَهُّدِ، ثُمَّ بِالسُّجُودِ، ثُمَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>