للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَيْرَهُ، أَوْ مِنْ الثَّمَرَةِ: نِصْفَ كُلِّ ذَلِكَ مُشَاعًا، أَوْ ثُلُثَيْ كُلِّ ذَلِكَ، أَوْ أَكْثَرَ، أَوْ أَقَلَّ؛ جُزْءًا مُسَمًّى مَنْسُوبًا مُشَاعًا فِي الْجَمِيعِ.

أَوْ يَبِيعُ جُزْءًا كَذَلِكَ مِنْ الْجُمْلَةِ مُشَاعًا، أَوْ يَسْتَثْنِي مِنْهَا عَيْنًا مُعَيَّنَةً مَحُوزَةً - كَثُرَتْ أَوْ قَلَّتْ - فَهَذَا هُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا خِلَافَ مِنْ أَحَدٍ فِي جَوَازِهِ، إلَّا فِي مَكَان وَاحِدٍ نَذْكُرُهُ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَأَجَازَ مَالِكٌ بَيْعَ مِائَةِ نَخْلَةٍ يُسْتَثْنَى مِنْهَا عَشْرُ نَخَلَاتٍ بِغَيْرِ عَيْنِهَا، وَكَذَلِكَ مِنْ الْغَنَمِ، وَمَنَعَ مِنْ ذَلِكَ فِي الْكَثِيرِ - وَأَجَازَ بَيْعَ الثَّمَرَةِ وَاسْتِثْنَاءَ مَكِيلَةٍ مِنْهَا تَكُونُ الثُّلُثَ فَأَقَلَّ، فَإِنْ اسْتَثْنَى أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ لَمْ يَجُزْ.

وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ ابْتَاعَ ثَمَرَ أَرْبَعِ نَخَلَاتٍ مِنْ حَائِطٍ بِغَيْرِ عَيْنِهَا لَكِنْ يَخْتَارُهَا الْمُبْتَاعُ لَمْ يَجُزْ، فَلَوْ ابْتَاعَهَا كَذَلِكَ بِأُصُولِهَا جَازَ، إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا ثَمَرٌ كَالْعُرُوضِ.

وَأَجَازَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَبِيعَ ثَمَرَ حَائِطِهِ وَيَسْتَثْنِيَ مِنْهُ ثَمَرَ أَرْبَعِ نَخَلَاتٍ بِغَيْرِ عَيْنِهَا، لَكِنْ يَخْتَارُهَا الْبَائِعُ -: أَجَازَ هَذَا بَعْدَ أَنْ تَوَقَّفَ فِيهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، وَأَجَازَ ذَلِكَ فِي الْغَنَمِ - وَكَرِهَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي النَّخْلِ قَالَ: فَإِنْ وَقَعَ أَجَزْته لِقَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فِي هَذِهِ الْأَقْوَالِ عِبْرَةٌ لِمَنْ اعْتَبَرَ مِنْ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْبَائِعِ، وَالْمُشْتَرِي فِي اخْتِيَارِ الثَّمَرِ، وَمِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ اخْتِيَارِ الْمُشْتَرِي لِثَمَرِ أَرْبَعِ نَخَلَاتٍ فَمَنَعَ مِنْهُ، وَبَيْنَ اخْتِيَارِ الْبَائِعِ لَهُ فَأَجَازَهُ.

وَلَيْتَ شِعْرِي مَا قَوْلُهُ فِي سِتِّ نَخَلَاتٍ أَوْ سَبْعٍ، وَنَزِيدُهُ هَكَذَا وَاحِدَةً وَاحِدَةً، فَإِمَّا يَتَمَادَى عَلَى الْإِبَاحَةِ، وَإِمَّا يَمْنَعُ، فَيُكَلَّفُوا الْبُرْهَانَ عَلَى مَا حَرَّمُوا وَمَا حَلَّلُوا، أَوْ يَتَحَيَّرُوا فَلَا يَدْرُوا مَا يُحَلِّلُونَ وَمَا يُحَرِّمُونَ، وَلَا بُدَّ مِنْ أَحَدِ هَذِهِ الْوُجُوهِ ضَرُورَةً.

ثُمَّ نَسْأَلُهُمْ عَمَّا أَجَازُوا فِي الْأَرْبَعِ نَخَلَاتٍ، فَنَقُولُ: أَتُجِيزُونَ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْحَائِطِ إلَّا خَمْسُ نَخَلَاتٍ؟ فَإِنْ أَجَازُوا، سَأَلْنَاهُمْ مِنْ أَيْنَ خَصُّوا الْأَرْبَعَ نَخَلَاتٍ بِالْإِجَازَةِ دُونَ مَا هُوَ أَكْثَرُ أَوْ أَقَلُّ؟ فَإِنْ مَنَعُوا زِدْنَاهُمْ فِي عَدَدِ نَخْلِ الْحَائِطِ نَخْلَةً نَخْلَةً - وَهَذِهِ تَخَالِيطُ لَا نَظِيرَ لَهَا؟

وَهَذَا يُبْطِلُ دَعْوَاهُمْ فِي عَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، إذْ لَوْ كَانَ ذَلِكَ عَمَلًا ظَاهِرًا مَا احْتَاجَ

<<  <  ج: ص:  >  >>