إلَى أَنْ يَتَوَقَّفَ فِيهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، وَإِنَّ فِي إجَازَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْعَمَلَ الَّذِي مَنَعَ مِنْهُ - إنْ وَقَعَ - مِنْ أَجْلِ إجَازَةِ مَالِكٍ لَهُ لَعَجَبًا.
وَنَحْمَدُ اللَّهَ عَلَى عَظِيمِ نِعْمَتِهِ عَلَيْنَا فِي تَيْسِيرِنَا لِطَاعَةِ كَلَامِهِ، وَكَلَامِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَنْفِيرِنَا عَنْ تَقْلِيدِ مَا دُونَ ذَلِكَ حَمْدًا كَثِيرًا كَمَا هُوَ أَهْلُهُ.
وَأَمَّا الْحَنَفِيُّونَ، وَالشَّافِعِيُّونَ، فَإِنَّهُمْ مَنَعُوا مِنْ هَذَا كُلِّهِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَتَنَاقَضُوا هَهُنَا أَقْبَحَ تَنَاقُضٍ؛ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا حَرَّمُوا هَهُنَا مِنْ بَيْعِ جُمْلَةٍ وَاسْتِثْنَاءِ مِقْدَارٍ مِنْهَا بِغَيْرِ عَيْنِهِ، وَبَيْنَ مَا أَجَازُوا فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ مِنْ بَيْعِ بَعْضِ جُمْلَةٍ بِكَيْلٍ أَوْ بِوَزْنٍ، أَوْ بِعَدَدٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَهُوَ ذَلِكَ نَفْسُهُ وَنَحْمَدُ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى السَّلَامَةِ، وَكِلَا الْأَمْرَيْنِ بَيْعُ بَعْضِ جُمْلَةٍ وَإِمْسَاكُ بَعْضِهَا، {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: ٢٧٥] ، {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ} [الأنعام: ١١٩] .
وَأَمَّا الْمَكَانُ الَّذِي اُخْتُلِفَ فِيهِ مِمَّا ذَكَرْنَا، فَإِنَّ الْمَالِكِيِّينَ مَنَعُوا مِنْ بَيْعِ جُمْلَةٍ إلَّا ثُلُثَيْهَا، وَقَالُوا: لَا يَجُوزُ الِاسْتِثْنَاءُ إلَّا فِي الْأَقَلِّ.
قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذَا بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجِبْ مَا قَالُوهُ: لَا قُرْآنٌ، وَلَا سُنَّةٌ، وَلَا رِوَايَةٌ سَقِيمَةٌ، وَلَا قَوْلُ صَاحِبٍ، وَلَا قِيَاسٌ، وَلَا رَأْيٌ لَهُ وَجْهٌ، وَلَا لُغَةٌ أَصْلًا.
وَأَيْضًا: فَإِنَّ اسْتِثْنَاءَ الْأَكْثَرِ أَوْ الْأَقَلِّ، إنَّمَا هُوَ مَنْعُ بَعْضِ الْجُمْلَةِ فَقَطْ دُونَ سَائِرِهَا، وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ هَذَا، وَهُوَ الَّذِي مَنَعُوا مِنْهُ نَفْسُهُ بِعَيْنِهِ.
وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ سَأَلْت أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي مُوسَى عَنْ الرَّجُلِ يَبِيعُ بَيْعًا وَيَسْتَثْنِي نِصْفَهُ؟ فَكَرِهَهُ - الْحَجَّاجُ هَالِكٌ -.
وَمِنْ طَرِيق حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ قَالَ: إذَا اسْتَثْنَى الْبَائِعُ نِصْفًا وَنَقَدَ الْمُشْتَرِيَ نِصْفًا، فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ.
وَمِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَنْصُورٍ، وَالْأَعْمَشِ، كِلَاهُمَا عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ: أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يَبِيعَ السِّلْعَةَ وَيَسْتَثْنِيَ نِصْفَهَا.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: بُرْهَانُ صِحَّةِ قَوْلِنَا هَهُنَا هِيَ الْبَرَاهِينُ الَّتِي أَوْرَدْنَا فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي