قَبْلَهَا سَوَاءٌ سَوَاءٌ، وَهَهُنَا بُرْهَانٌ زَائِدٌ -: وَهُوَ مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ أَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ أَنَا سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ أَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الثُّنْيَا حَتَّى تُعْلَمَ» .
فَصَحَّ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَا يَحِلُّ إلَّا مَعْلُومًا مِنْ مَعْلُومٍ.
فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ رَوَيْتُمْ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدِ بْنِ مِينَاءَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْمُزَابَنَةِ، وَالْمُحَاقَلَةِ، وَالْمُعَاوَمَةِ، وَالْمُخَابَرَةِ» .
قَالَ أَحَدُهُمَا: بَيْعُ السِّنِينَ، وَهِيَ الْمُعَاوَمَةُ، وَهِيَ الثُّنْيَا؟
قُلْنَا: هَذَا تَفْسِيرُ لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ لِأَنَّهُ مِنْ كَلَامِ أَبِي الزُّبَيْرِ وَرَأْيِهِ، أَوْ كَلَامِ سَعِيدِ بْنِ مِينَاءَ وَرَأْيِهِ، وَلَا حُجَّةَ فِي كَلَامِ أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَالثُّنْيَا: لَفْظَةٌ مَعْرُوفَةٌ عَرَبِيَّةٌ، قَالَ تَعَالَى: {كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ} [القلم: ١٧] {وَلا يَسْتَثْنُونَ} [القلم: ١٨] وَإِنَّمَا الثُّنْيَا اسْتِثْنَاءُ شَيْءٍ مِنْ شَيْءٍ فَقَطْ.
وَمِنْ الْمُحَالِ الْبَاطِلِ الْمُتَيَقَّنِ: أَنْ يَكُونَ لِلثُّنْيَا مَعْنًى غَيْرُ هَذَا فَيَنْهَانَا عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ لَا يُبَيِّنُهَا عَلَيْنَا؛ حَاشَ لِلَّهِ مِنْ هَذَا، وَهُوَ الَّذِي افْتَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ لَنَا دِينَنَا.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَقَدْ جَاءَتْ فِي الثُّنْيَا آثَارٌ -:
رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ أَنَا إسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، وَابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: مَا كُنَّا نَرَى بِالثُّنْيَا بَأْسًا لَوْلَا أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَرِهَهَا، وَكَانَ عِنْدنَا مَرْضِيَّا - قَالَ ابْنِ عُلَيَّةَ: لَوْلَا ابْنُ عَوْنٍ: فَتَحَدَّثْنَا أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: لَا أَبِيعُ هَذِهِ النَّخْلَةَ، وَلَا هَذِهِ النَّخْلَةَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute