للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاحْتَجُّوا أَيْضًا - بِأَنْ قَالُوا: لَا يَخْلُو الرُّطَبُ، وَالتَّمْرُ مِنْ أَنْ يَكُونَا جِنْسًا وَاحِدًا أَوْ جِنْسَيْنِ، فَإِنْ كَانَا جِنْسًا وَاحِدًا فَالتَّمَاثُلُ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ جَائِزٌ، لِإِبَاحَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التَّمْرَ بِالتَّمْرِ مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَإِنْ كَانَا جِنْسَيْنِ فَذَلِكَ فِيهِمَا أَجْوَزُ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا اخْتَلَفَتْ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ» .

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَنَقُولُ لَهُمْ: الَّذِي أَبَاحَ التَّمْرَ بِالتَّمْرِ مُتَمَاثِلًا يَدًا بِيَدٍ، وَأَمَرَنَا إذَا اخْتَلَفَتْ الْأَصْنَافُ أَنْ نَبِيعَ كَيْفَ شِئْنَا إذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ، هُوَ الَّذِي نَهَانَا عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ جُمْلَةً، وَعَنْ بَيْعِ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ، وَأَخْبَرَنَا: أَنَّهُ الرِّبَا، وَلَيْسَتْ طَاعَتُهُ فِي بَعْضِ مَا أَمَرَ بِهِ وَاجِبَةً وَفِي بَعْضِهِ غَيْرَ وَاجِبَةٍ، هَذَا كُفْرٌ مِمَّنْ قَالَهُ، بَلْ طَاعَتُهُ فِي كُلِّ مَا أَمَرَ بِهِ وَاجِبَةٌ.

لَكِنْ يَا هَؤُلَاءِ أَيْنَ كُنْتُمْ عَنْ هَذَا الِاسْتِدْلَالِ الْفَاسِدِ الَّذِي صَحَّحْتُمُوهُ وَعَارَضْتُمْ بِهِ سُنَّةَ اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -؟ إذْ حَرَّمْتُمْ بِرَأْيِكُمْ الْفَاسِدِ بَيْعَ الدَّقِيقِ بِالْحِنْطَةِ أَوْ بِالسَّوِيقِ جُمْلَةً، فَلِمَ تُجِيزُوهُ لَا مُتَفَاضِلًا، وَلَا مُتَمَاثِلًا، وَلَا نَقْدًا، وَلَا نَسِيئَةً، وَلَا كَيْلًا، وَلَا وَزْنًا - وَهَلَّا قُلْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ: لَا يَخْلُو الدَّقِيقُ وَالْحِنْطَةُ، وَالسَّوِيقُ، مِنْ أَنْ تَكُونَ جِنْسًا وَاحِدًا أَوْ جِنْسَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةَ أَجْنَاسٍ، فَإِنْ كَانَتْ جِنْسًا وَاحِدًا فَالتَّمَاثُلُ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ جَائِزٌ، لِإِبَاحَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْحِنْطَةَ بِالْحِنْطَةِ مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَإِنْ كَانَتْ جِنْسَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً فَذَلِكَ فِيهَا أَجْوَزُ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا اخْتَلَفَتْ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ» فَهَذَا الْمَكَانُ أَوْلَى بِالِاعْتِرَاضِ، وَبِالرَّدِّ، وَبِالْإِطْرَاحِ، لَا قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحُكْمُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>