للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: الْعَرِيَّةُ أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ ثَمَرَ النَّخَلَاتِ لِطَعَامِ أَهْلِهِ رُطَبًا بِخَرْصِهَا تَمْرًا.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَمَّا قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ، وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ فَلَا بَيَانَ فِيهِمَا.

وَأَمَّا قَوْلُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَأَحَدُ قَوْلَيْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَابْنِ إِسْحَاقَ، وَسُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَأَحْمَدَ، فَإِنَّهُ يَحْتَجُّ لَهُ بِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَخَّصَ، لِصَاحِبِ الْعَرِيَّةِ أَنْ يَبِيعَهَا بِخَرْصِهَا مِنْ التَّمْرِ» .

قَالَ عَلِيٌّ: لَيْسَ لَهُمْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حُجَّةٌ أَصْلًا، وَإِنَّمَا فِيهِ أَنَّ صَاحِبَ الرُّطَبِ هُوَ الَّذِي يَبِيعُهُ بِخَرْصِهِ تَمْرًا - وَنَحْنُ هَكَذَا نَقُولُ، وَجَائِزٌ عِنْدَنَا أَنْ نَبِيعَ الرُّطَبَ كَذَلِكَ الَّذِي هُوَ لَهُ وَالنَّخْلُ مَعًا، وَجَائِزٌ أَنْ نَبِيعَهُ أَيْضًا كَذَلِكَ مِنْ مَالِك الرُّطَبِ وَحْدَهُ بِهِبَةٍ أَوْ بِشِرَاءٍ أَوْ بِمِيرَاثٍ أَوْ بِإِجَازَةٍ أَوْ بِإِصْدَاقٍ فَهَذَا الْخَبَرُ مُوَافِقٌ لِقَوْلِنَا وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، وَلَيْسَ فِيهِ إلَّا صِفَةُ الْبَائِعِ فَقَطْ، وَلَيْسَ فِيهِ مَنْ هُوَ الْمُشْتَرِي.

وَأَمَّا مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ فَإِنَّهُ يَحْتَجُّ لَهُ بِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ - أَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ حَدَّثَنِي بَشِيرُ بْنُ يَسَارٍ مَوْلَى بَنِي حَارِثَةَ: أَنَّ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ، وَسَهْلَ بْنَ أَبِي حَثْمَةَ حَدَّثَاهُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الْمُزَابَنَةِ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ إلَّا أَصْحَابَ الْعَرَايَا فَإِنَّهُ أَذِنَ لَهُمْ» .

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ بَيَانُ قَوْلِهِمْ لَا بِنَصٍّ وَلَا بِإِشَارَةٍ وَلَا بِدَلِيلٍ، وَإِنَّمَا فِيهِ: أَنَّ أَصْحَابَ الْعَرَايَا أَذِنَ لَهُمْ فِي التَّمْرِ بِالتَّمْرِ فَقَطْ، وَهَكَذَا نَقُولُ - فَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ حُجَّةٌ.

ثُمَّ نَظَرْنَا فِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فَوَجَدْنَاهُ دَعْوَى بِلَا بُرْهَانٍ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثًا لَا يَدْرِي أَحَدٌ مُنْشَأَهُ وَلَا مَبْدَأَهُ وَلَا طَرِيقَهُ، ذَكَرَهُ أَيْضًا بِغَيْرِ إسْنَادٍ - فَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ حُجَّةٌ،

<<  <  ج: ص:  >  >>