لِأَنَّهُمْ يُبِيحُونَ بَيْعَ الرُّطَبِ مِنْ التَّمْرِ، وَالتِّينِ، وَالْعِنَبِ، بِالْيَابِسِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، وَهَذَا خِلَافٌ لِعُمُومِ الْخَبَرِ.
فَإِنْ قَالُوا: إنَّمَا أُرِيدَ بِذَلِكَ مَا كَانَ مِنْ جِنْسِهِ؟
قُلْنَا: وَمَا دَلِيلُكُمْ عَلَى ذَلِكَ؟ وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ الْقَائِلِ: إنَّمَا أُرِيدَ بِذَلِكَ مَا كَانَ فِي رُءُوسِ أَشْجَارِهِ فَقَطْ؟ وَهَلْ هِيَ إلَّا دَعْوَى بِدَعْوَى بِلَا بُرْهَانٍ وَحَسْبُنَا اللَّهِ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.
وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ أَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْمُحَاقَلَةِ، وَالْمُزَابَنَةِ، فَالْمُحَاقَلَةُ فِي الزَّرْعِ وَالْمُزَابَنَةُ فِي النَّخْلِ» .
هَذَا نَصُّ لَفْظِ أَبِي سَعِيدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهَذَا نَصُّ قَوْلِنَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرَ الْمُزَابَنَةَ إلَّا فِي النَّخْلِ وَحْدَهُ، لَا فِي سَائِرِ الثِّمَارِ - وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ - وَمَا نَعْلَمُ لَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - مُخَالِفًا.
وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ أَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ يَحْيَى - هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ - عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهُمْ سَهْلُ بْنُ أَبِي حَثْمَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ، وَقَالَ: ذَلِكَ الرِّبَا تِلْكَ الْمُزَابَنَةُ، إلَّا أَنَّهُ رَخَّصَ بَيْعَ الْعَرِيَّةِ» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الْمُزَابَنَةِ أَنْ يَبِيعَ ثَمَرَ حَائِطِهِ إنْ كَانَتْ نَخْلًا بِتَمْرٍ كَيْلًا، وَإِنْ كَانَ كَرْمًا أَنْ يَبِيعَهُ بِزَبِيبٍ كَيْلًا، وَإِنْ كَانَ زَرْعًا أَنْ يَبِيعَهُ بِكَيْلِ طَعَامٍ» .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَا مُزَابَنَةَ إلَّا مَا بَيَّنَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، ثُمَّ الصَّحَابَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute