قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: كَأَنَّهُ يُلْغِي الْوَاحِدَ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: إذَا كَانَتْ الْحِلْيَةُ تَبَعًا، وَكَانَ الْفَضْلُ فِي النَّصْلِ: جَازَ بَيْعُهُ بِنَوْعِهِ نَقْدًا وَتَأْخِيرًا.
وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَتْ فِضَّةُ السَّيْفِ الْمُحَلَّى بِالْفِضَّةِ، أَوْ الْمُصْحَفُ كَذَلِكَ، أَوْ الْمِنْطَقَةُ كَذَلِكَ، أَوْ خَاتَمُ الْفِضَّةِ كَذَلِكَ: يَقَعُ فِي الثُّلُثِ مِنْ قِيمَتِهَا مَعَ النَّصْلِ، وَالْغِمْدِ، وَالْحَمَائِلِ، وَمَعَ الْمُصْحَفِ، وَمَعَ الْفَصِّ، وَكَانَ حُلِيُّ النِّسَاءِ مِنْ الذَّهَبِ، أَوْ الْفِضَّةِ، يَقَعُ الْفِضَّةُ أَوْ الذَّهَبُ فِي ثُلُثِ قِيمَةِ الْجَمِيعِ مَعَ الْحِجَارَةِ فَأَقَلَّ: جَازَ بَيْعُ كُلِّ ذَلِكَ بِنَوْعِهِ أَكْثَرَ مِمَّا فِيهِ وَمِثْلَهُ، وَأَقَلَّ نَقْدًا وَلَا يَجُوزُ نَسِيئَةً، فَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ لَمْ يَجُزْ أَصْلًا.
وَهَذَا تَنَاقُضٌ عَظِيمٌ؛ لِأَنَّ التَّفَاضُلَ حَرَامٌ كَالتَّأْخِيرِ وَلَا فَرْقَ، فَإِنْ مَنَعَ مِنْ أَحَدِهِمَا فَلْيَمْنَعْ مِنْ الْآخَرِ - وَإِنْ أَجَازَ أَحَدَهُمَا - لِأَنَّهُ تَبَعٌ فَلْيُجِزْ الْآخَرَ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ.
وَتَحْدِيدُهُ الثُّلُثَ عَجَبٌ آخَرُ؟ وَمَا عَقَلَ قَطُّ أَحَدٌ أَنَّ وَزْنَ عَشَرَةِ أَرْطَالٍ فِضَّةً تَكُونُ ثُلُثَ قِيمَةِ مَا هِيَ فِيهِ يَكُونُ قَلِيلًا، وَوَزْنَ دِرْهَمٍ فِضَّةً يَكُونُ نِصْفَ قِيمَةِ مَا هِيَ فِيهِ يَكُونُ كَثِيرًا - وَهَذَا فَاسِدٌ مِنْ الْقَوْلِ جِدًّا، وَلَا دَلِيلَ عَلَى صِحَّتِهِ، لَا مِنْ قُرْآنٍ، وَلَا مِنْ سُنَّةٍ، وَلَا رِوَايَةٍ سَقِيمَةٍ، وَلَا قَوْلِ أَحَدٍ قَبْلَهُ نَعْلَمُهُ، وَلَا قِيَاسٍ، وَلَا رَأْيٍ لَهُ وَجْهٌ، وَلَا احْتِيَاطٍ.
وَقَالَ أَيْضًا: لَا يَجُوزُ بَيْعُ غَيْرِ مَا ذَكَرْنَا يَكُونُ فِيهِ فِضَّةٌ أَوْ ذَهَبٌ بِنَوْعِ مَا فِيهِ مِنْهُمَا - قَلَّ أَوْ كَثُرَ - كَالسِّكِّينِ الْمُحَلَّاةِ بِالْفِضَّةِ أَوْ الذَّهَبِ، وَالسَّرْجُ كَذَلِكَ، وَكُلُّ شَيْءٍ كَذَلِكَ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا فِيهِ مِنْ الْفِضَّةِ أَوْ الذَّهَبِ إذَا نُزِعَ لَمْ يَجْتَمِعْ مِنْهُ شَيْءٌ لَهُ بَالٌ، فَلَا بَأْسَ حِينَئِذٍ بِبَيْعِهِ بِنَوْعِ مَا فِيهِ مِنْ ذَلِكَ نَقْدًا وَبِتَأْخِيرٍ، وَكَيْفَ شَاءَ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: شَيْءٌ لَهُ بَالٌ كَلَامٌ لَا يَحْصُلُ، وَحَبَّةُ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ لَهَا بَالٌ عِنْدَ الْمَسَاكِينِ، نَعَمْ، وَعِنْدَ التُّجَّارِ، وَعِنْدَ أَكْثَرِ النَّاسِ، وَلَا يَحِلُّ عِنْدَهُ وَلَا عِنْدَنَا تَزِيدُهَا فِي الْمُوَازَنَةِ فِيمَا فِيهِ الرِّبَا، ثُمَّ تَفْرِيقُهُ بَيْنَ السَّيْفِ، وَالْمُصْحَفِ، وَالْخَاتَمِ، وَالْمِنْطَقَةِ، وَحُلِيِّ النِّسَاءِ فِي ذَلِكَ - وَبَيْنَ السَّرْجِ وَاللِّجَامِ وَالْمَهَامِيزِ، وَالسِّكِّينِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ عَجَبٌ جِدًّا؟
فَإِنْ قَالُوا: لِأَنَّ مَا ذَكَرْنَا قَبْلُ مُبَاحٌ اتِّخَاذُهُ؟
قُلْنَا: وَالدَّنَانِيرُ مُبَاحٌ اتِّخَاذُهَا فَأَجِيزُوا بَيْعَهَا مَعَ غَيْرِهَا بِذَهَبٍ إذَا كَانَتْ ثُلُثَ الْقِيمَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute