للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَقَلَّ - وَأَجَازَ مَالِكٌ بَدَلَ الدَّنَانِيرِ الْمَحْضَةِ بِالدَّنَانِيرِ الْمَغْشُوشَةِ بِالصُّفْرِ، أَوْ الْفِضَّةِ - كَثُرَ الْغِشُّ أَمْ قَلَّ - كَانَ الثُّلُثُ، أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ - مِثْلًا بِمِثْلٍ.

وَكَذَلِكَ أَجَازَ بَدَلَ الدَّرَاهِمِ الْمَغْشُوشَةِ بِالصُّفْرِ وَغَيْرِهِ بِالدَّرَاهِمِ الْفِضَّةِ الْمَحْضَةِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ - كَانَ الْغِشُّ الثُّلُثَ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ.

قَالَ: فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِاسْمِ الْبَيْعِ لَمْ يَجُزْ، وَهُوَ يَرَى فِي الْمَغْشُوشَةِ الزَّكَاةَ إذَا بَلَغَ وَزْنُهَا بِغِشِّهَا مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، أَوْ بَلَغَ وَزْنُ الدَّنَانِيرِ عِشْرِينَ دِينَارًا، وَإِنْ كَانَتْ الْفِضَّةُ أَوْ الذَّهَبُ فِيهِمَا أَقَلَّ مِنْ الْعُشْرِ.

وَهَذَا تَنَاقُضٌ آخَرُ، وَلَئِنْ كَانَ حُكْمُهَا حُكْمَ الصَّافِيَةِ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهَا، وَكَانَتْ وَرِقًا، فَإِنَّ بَيْعَ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهَا شَيْءٌ وَاحِدٌ، وَوَرِقٌ وَلَئِنْ كَانَ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ شَيْئًا وَاحِدًا، وَلَا هِيَ وَرِقٌ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ فِيهَا لَا تَجِبُ لِذَلِكَ سَوَاءً سَوَاءً.

ثُمَّ الْفَرْقُ بَيْنَ الْبَدَلِ، وَبَيْنَ الْبَيْعِ: عَجَبٌ آخَرُ مَا سَمِعْنَاهُ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُ وَلَا نَدْرِي مِنْ أَيْنَ قَالَهُ؟ وَلَئِنْ كَانَ لِلْبَدَلِ هُنَا غَيْرُ حُكْمِ الْبَيْعِ لَيَجُوزَنَّ الدِّينَارُ بِالدِّينَارَيْنِ عَلَى الْبَدَلِ، لَا عَلَى اسْمِ الْبَيْعِ، وَهَذِهِ عَجَائِبُ كَمَا تَسْمَعُ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: كُلُّ شَيْءٍ مُحَلًّى بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ فَجَائِزٌ بَيْعُهُ بِنَوْعِ مَا فِيهِ مِنْ ذَلِكَ إذَا كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ مِمَّا فِي الْمَبِيعِ مِنْ الْفِضَّةِ أَوْ الذَّهَبِ، وَلَا يَجُوزُ بِمِثْلِ مَا فِيهِ مِنْ ذَلِكَ وَلَا بِأَقَلَّ.

قَالَ: وَلَا بُدَّ مِنْ قَبْضِ مَا يَقَعُ لِلْفِضَّةِ أَوْ لِلذَّهَبِ مِنْ الثَّمَنِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ، فَكَانَ هَذَا طَرِيفًا جِدًّا، وَمُخَالِفًا لِلسُّنَّةِ كَمَا ذَكَرْنَا مِنْ قَبْلُ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الدَّرَاهِمِ الْمَغْشُوشَةِ: إنْ كَانَ الثُّلُثَانِ هُوَ الصُّفْرُ، وَكَانَتْ الْفِضَّةُ الثُّلُثَ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى تَخْلِيصِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي إنْ خَلَصَتْ أَيَبْقَى الصُّفْرُ أَمْ يَحْتَرِقُ؟ فَلَا بَأْسَ يَبِيعُهَا بِوَزْنِ جَمِيعِهَا فِضَّةً مَحْضَةً.

وَبِأَكْثَرَ مِنْ وَزْنِ جَمِيعِهَا أَيْضًا، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا بِمِثْلِ الْفِضَّةِ الَّتِي فِيهَا وَلَا بِأَقَلَّ مِنْهَا.

قَالَ: فَإِنْ كَانَ نِصْفُهَا صُفْرًا أَوْ نِصْفُهَا فِضَّةً؟ فَإِنْ كَانَتْ الْفِضَّةُ هِيَ الْغَالِبَةُ: جَازَ

<<  <  ج: ص:  >  >>