غَسْلُهُ عَنْ جَمِيعِ الْخُفِّ، فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَخْلَعَهُمَا حِينَئِذٍ وَيَغْسِلَهُمَا، فَإِنْ تَوَضَّأَ ثُمَّ جَزَّ شَعْرَهُ أَوْ قَصَّ أَظْفَارَهُ فَهُوَ عَلَى طَهَارَتِهِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَمَسَّ الْمَاءُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ.
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: إنْ خَلَعَ خُفَّيْهِ أَوْ جَزَّ شَعْرَهُ أَوْ قَصَّ أَظْفَارَهُ لَزِمَهُ أَنْ يَبْتَدِئَ الْوُضُوءَ فِي خَلْعِ الْخُفَّيْنِ وَأَنْ يَمْسَحَ عَلَى رَأْسِهِ وَيُمِسَّ الْمَاءَ مَوْضِعَ الْقَطْعِ مِنْ أَظْفَارِهِ فِي الْجَزِّ وَالْقَصِّ، وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ.
وَكَذَلِكَ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِيمَنْ مَسَحَ عَلَى عِمَامَتِهِ ثُمَّ نَزَعَهَا فَإِنَّهُ يَمْسَحُ رَأْسَهُ بِالْمَاءِ.
قَالَ عَلِيٌّ: أَمَّا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ فِي مُرَاعَاةِ إخْرَاجِ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ الْقَدَمِ عَنْ مَوْضِعِهَا فَيَلْزَمُهُ الْغَسْلُ فِي رِجْلَيْهِ مَعًا أَوْ إخْرَاجُ نِصْفِهَا فَأَقَلَّ فَلَا يَلْزَمُهُ غَسْلُ رِجْلَيْهِ، فَتَحَكُّمٌ فِي الدِّينِ ظَاهِرٌ وَشَرْعٌ لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَا أَوْجَبَهُ قُرْآنٌ وَلَا سُنَّةٌ، وَلَا قِيَاسٌ وَلَا قَوْلُ صَاحِبٍ وَلَا رَأْيٌ مُطَّرِدٌ، لِأَنَّهُمْ يَرَوْنَ مَرَّةً الْكَثِيرَ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ، وَمَرَّةً الثُّلُثَ، وَمَرَّةً الرُّبُعَ، وَمَرَّةً شِبْرًا فِي شِبْرٍ، وَمَرَّةً أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ، وَكُلُّ هَذَا تَخْلِيطٌ.
وَأَمَّا فَرْقُ مَالِكٍ بَيْنَ إخْرَاجِ الْعَقِبِ إلَى مَوْضِعِ السَّاقِ فَلَا يَنْتَقِضُ الْمَسْحُ، وَبَيْنَ إخْرَاجِ الْقَدَمِ كُلِّهَا إلَى مَوْضِعِ السَّاقِ فَيَنْتَقِضُ الْمَسْحُ، فَتَحَكُّمٌ أَيْضًا لَا يَجُوزُ الْقَوْلُ بِهِ وَلَا يُوجِبُهُ قُرْآنٌ وَلَا سُنَّةٌ صَحِيحَةٌ وَلَا سَقِيمَةٌ، وَلَا قَوْلُ صَاحِبٍ وَلَا قِيَاسٌ وَلَا رَأْيٌ مُطَّرِدٌ؛ لِأَنَّهُ يَرَى أَنَّ بَقَاءَ الْعَقِبِ فِي الْوُضُوءِ لَا يَطْهُرُ، إنَّ فَاعِلَ ذَلِكَ لَا وُضُوءَ لَهُ، فَإِنْ كَانَ الْمَسْحُ قَدْ انْتَقَضَ عَنْ الرِّجْلِ بِخُرُوجِهَا عَنْ مَوْضِعِ الْقَدَمِ، فَلَا بُدَّ مِنْ انْتِقَاضِ الْمَسْحِ عَنْ الْعَقِبِ بِخُرُوجِهَا عَنْ مَوْضِعِهَا إلَى مَوْضِعِ السَّاقِ، لَا يَجُوزُ غَيْرُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الْمَسْحُ لَا يَنْتَقِضُ عَنْ الْعَقِبِ بِخُرُوجِهَا إلَى مَوْضِعِ السَّاقِ، فَإِنَّهُ لَا يَنْتَقِضُ أَيْضًا بِخُرُوجِ الْقَدَمِ إلَى مَوْضِعِ السَّاقِ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ.
وَأَمَّا تَفْرِيقُهُمْ جَمِيعُهُمْ بَيْنَ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ ثُمَّ يُخْلَعَانِ فَيَنْتَقِضُ الْمَسْحُ وَيَلْزَمُ إتْمَامُ الْوُضُوءِ، وَبَيْنَ الْوُضُوءِ ثُمَّ يُجَزُّ الشَّعْرُ وَتُقَصُّ الْأَظْفَارُ فَلَا يَنْتَقِضُ الْغَسْلُ عَنْ مِقَصِّ الْأَظْفَارِ وَلَا الْمَسْحُ عَلَى الرَّأْسِ فَفَرْقٌ فَاسِدٌ ظَاهِرُ التَّنَاقُضِ وَلَوْ عَكَسَ إنْسَانٌ هَذَا الْقَوْلَ فَأَوْجَبَ مَسْحَ الرَّأْسِ عَلَى مَنْ حَلَقَ شَعْرَهُ وَمَسَّ مِجَزَّ الْأَظْفَارِ بِالْمَاءِ وَلَمْ يَرَ الْمَسْحَ عَلَى مَنْ خَلَعَ خُفَّيْهِ، لَمَا كَانَ بَيْنَهَا فَرْقٌ.
قَالَ عَلِيٌّ: وَمَا وَجَدْنَا لَهُمْ فِي ذَلِكَ مُتَعَلَّقًا أَصْلًا إلَّا أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ: وَجَدْنَا مَسْحَ الرَّأْسِ وَغَسْلَ الْقَدَمَيْنِ فِي الْوُضُوءِ إنَّمَا قُصِدَ بِهِ الرَّأْسُ لَا الشَّعْرُ، وَإِنَّمَا قُصِدَ بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute