للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ وَأَمَّا اسْتِخْدَامُ الْأَمَةِ، أَوْ رُكُوبُ الدَّابَّةِ، أَوْ لِبَاسُ الْقَمِيصِ؛ لِيَخْتَبِرَ كُلَّ ذَلِكَ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ، فَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ رِضًا.

وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ: لَيْسَ الِاسْتِخْدَامُ رِضًا.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاجِيَّ قَالَ: نا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: نا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الصَّنْعَانِيُّ نا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حَسَّابٍ نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ - هُوَ السِّخْتِيَانِيُّ - وَهِشَامِ بْنِ حَسَّانَ كِلَاهُمَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: ابْتَاعَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ جَارِيَةً، فَقِيلَ لَهُ: إنَّ لَهَا زَوْجًا فَأَرْسَلَ إلَى زَوْجِهَا فَقَالَ لَهُ: طَلِّقْهَا، فَأَبَى، فَجَعَلَ لَهُ مِائَةً فَأَبَى، فَجَعَلَ لَهُ مِائَتَيْنِ فَأَبَى، فَجَعَلَ لَهُ خَمْسَمِائَةٍ فَأَبَى، فَأَرْسَلَ إلَى مَوْلَاهُ: أَنَّهُ قَدْ أَبَى أَنْ يُطَلِّقَ فَاقْبَلُوا جَارِيَتَكُمْ.

فَهَذَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ قَدْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِ أَنَّ لَهَا زَوْجًا فَلَمْ يَرُدَّ حَتَّى أَرْسَلَ إلَى الزَّوْجِ وَرَاوَضَهُ عَلَى طَلَاقِهَا، وَجَعَلَ لَهُ مَالًا عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ زَادَهُ، ثُمَّ زَادَهُ، فَلَمَّا يَئِسَ رَدَّ حِينَئِذٍ - وَلَا يُعْرَفُ لَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ مُخَالِفٌ، وَهُمْ يُعَظِّمُونَ مِثْلَ هَذَا.

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ: سَمِعْت ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: كُنْت أَبْتَاعُ إنْ رَضِيتُ، حَتَّى سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُطِيعٍ يَقُولُ: إنَّ الرَّجُلَ لَيَرْضَى ثُمَّ يَدَعَ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَكَأَنَّمَا أَيْقَظَنِي، فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَبْتَاعُ وَيَقُولُ: إنْ أَخَذْت.

فَهَذَا ابْنُ عُمَرَ لَا يَرَى الرِّضَا بِالْقَلْبِ شَيْئًا حَتَّى يُظْهِرَهُ بِالْقَوْلِ، وَلَا يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَهُمْ يُعَظِّمُونَ مِثْلَ هَذَا إذَا وَافَقَ تَقْلِيدَهُمْ.

وَأَمَّا رَدُّ الْغَلَّةِ فِيمَا رُدَّ بِالْعَيْبِ فَقَدْ ذَكَرْنَا الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ.

وَقَالَ زُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلِ، وَعُثْمَانُ الْبَتِّيُّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ فِي ذَلِكَ مَا نَذْكُرُهُ -: فَأَمَّا زُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلِ فَإِنَّهُ قَالَ: مَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَطِئَهَا ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ بِهَا، فَإِنْ رَدَّهَا بِقَضَاءِ قَاضٍ رَدَّهَا وَرَدَّ مَعَهَا مَهْرَ مِثْلِهَا، فَإِنْ وَطِئَهَا غَيْرُهُ بِشُبْهَةٍ فَأَخَذَ لَهَا مَهْرًا، أَوْ زَوَّجَهَا فَأَخَذَ مَهْرَهَا، أَوْ جُنِيَ عَلَيْهَا فَأَخَذَ لِلْجِنَايَةِ أَرْشًا - ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فَإِنَّهُ يَرُدُّهَا، وَيَرُدُّ مَعَهَا الْمَهْرَ فِي الزَّوْجِيَّةِ الصَّحِيحَةِ، وَفِي الْوَطْءِ بِالشُّبْهَةِ، وَيَرُدُّ مَعَهَا الْأَرْشَ الَّذِي أَخَذَ لَهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>