للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذَلِكَ يَرُدُّ ثَمَرَ النَّخْلِ، وَالشَّجَرِ، إذَا رَدَّ الْأُصُولَ بِالْعَيْبِ، فَإِنْ أَكَلَ الثَّمَرَةَ رَدَّهَا وَرَدَّ مَعَهَا قِيمَةَ مَا أَكَلَ مِنْ الثَّمَرَةِ.

وَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ: مَنْ اشْتَرَى عَبْدًا فَاسْتَغَلَّهُ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فَلَهُ رَدُّهُ، فَإِنْ رَدَّهُ لَزِمَهُ أَنْ يَرُدَّ الْغَلَّةَ كُلَّهَا مَعَهُ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: وَكَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ لِلْعَبْدِ هِبَةً فَإِنَّهُ يَرُدُّ الْهِبَةَ مَعَهُ أَيْضًا.

وَقَالَ مَالِكٌ: الْغَلَّةُ كُلُّهَا لِلْمُشْتَرِي مِنْ اللَّبَنِ، وَالثَّمَرَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، حَاشَا الْأَوْلَادَ فَإِنَّهُ يَرُدُّهُمْ مَعَ الْأُمَّهَاتِ فِي الْحَيَوَانِ كُلِّهِ، وَالْإِمَاءِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: أَمَّا مَنْ ابْتَاعَ شَاةً فَحَلَبَهَا، أَوْ وَلَدَتْ عِنْدَهُ، أَوْ أُصُولًا فَأَثْمَرَتْ عِنْدَهُ فَأَكَلَ ثَمَرَتَهَا، أَوْ لَمْ يَأْكُلْ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ، فَلَا رَدَّ لَهُ، لَكِنْ يَرْجِعُ بِأَرْشِ الْعَيْبِ فَقَطْ.

فَلَوْ كَانَتْ دَارًا فَسَكَنَهَا، أَوْ آجَرَهَا أَوْ دَابَّةً فَرَكِبَهَا أَوْ آجَرَهَا أَوْ عَبْدًا فَاسْتَخْدَمَهُ أَوْ آجَرَهُ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فَلَهُ رَدُّ الْعَبْدِ، وَالدَّابَّةِ، وَلَا يَلْزَمُهُ رَدُّ شَيْءٍ مِنْ الْغَلَّةِ، وَلَا رَدُّ شَيْءٍ عَمَّا سَكَنَ وَآجَرَ، وَاسْتَخْدَمَ وَرَكِبَ.

وَمِمَّنْ قَالَ بِأَنَّ كُلَّ مَا حَدَثَ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ لَهُ وَلَا يَرُدُّهُ، وَيَرُدُّ الْأُمَّهَاتِ، - وَالْأُصُولَ، وَالشَّيْءَ الْمَعِيبَ: شُرَيْحٌ، وَالنَّخَعِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالْحَسَنُ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَالشَّافِعِيُّ، وَسُفْيَانُ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ، وَغَيْرُهُمْ.

قَالَ عَلِيٌّ: أَمَّا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ فَظَاهِرُ الْمُنَاقَضَةِ، وَعَدِيمٌ مِنْ الدَّلِيلِ، وَلَا نَعْلَمُ لَهُمَا أَحَدًا قَالَ بِهِ قَبْلَهُمَا.

وَأَمَّا قَوْلُ عُثْمَانَ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ، وَزُفَرَ، فَيُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ الْحُجَّةُ لَهُمْ أَنْ يَقُولُوا: إنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ إنَّمَا هُوَ فَسْخٌ لِلْبَيْعِ، فَإِذْ هُوَ فَسْخٌ لِلْبَيْعِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ الْمَبِيعُ الْمَعِيبُ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا بَاطِلٌ، مَا هُوَ فَسْخٌ لِلْعَقْدِ فِي الْبَيْعِ، بَلْ هُوَ إبْطَالٌ لِبَقَائِهِ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَرَدِّهِ إلَى الْبَائِعِ بِالْبَرَاهِينِ الْمُوجِبَةِ لِذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ مَا قَالُوهُ لَكَانَ زَانِيًا بِوَطْئِهِ، وَهَذَا بَاطِلٌ، بَلْ الْعَقْدُ الْأَوَّلُ صَحِيحٌ، ثُمَّ حَدَثَ مَا جَعَلَ لِلْمُشْتَرِي فِي الْخِيَارِ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>