للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَنْ تُلُقِّيَتْ سِلْعَتُهُ فَهَذَا لَهُ الْخِيَارُ إذَا دَخَلَ السُّوقَ، لَا قَبْلَ ذَلِكَ.

وَمَنْ وَجَدَ عَيْبًا لَمْ يُبَيَّنْ لَهُ بِهِ، وَلَا شَرَطَ السَّلَامَةَ مِنْهُ.

وَالشَّرِيكُ يَبِيعُ مَعَ غَيْرِ شَرِيكِهِ وَلَا يُؤْذِنُهُ.

فَهَؤُلَاءِ لَهُمْ الْخِيَارُ بِلَا تَحْدِيدِ مُدَّةٍ إلَّا حَتَّى يُقِرُّوا بِتَرْكِ حَقِّهِمْ: فَوَجَدْنَا مُشْتَرِي الْمُصَرَّاةِ، وَمَنْ بَايَعَ عَلَى أَنْ لَا خِلَابَةَ: يَنْقَضِي خِيَارُهُمَا بِتَمَامِ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ وَلَا يَكُونُ لَهُمَا خِيَارٌ بَعْدَهَا، وَيَلْزَمُهُمَا الشِّرَاءُ، فَصَحَّ يَقِينًا أَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ صَحِيحًا، إذْ لَوْ وَقَعَ فَاسِدًا لَمْ يَلْزَمْ أَصْلًا إلَّا بِتَجْدِيدِ عَقْدٍ، فَإِذْ قَدْ صَحَّ هَذَا بِمَا ذَكَرْنَا، وَأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ فَاسِدًا لَمْ يُخَيَّرْ فِي إمْضَائِهِ أَوْ فِي رَدِّهِ، بَلْ كَانَ يَكُونُ بَاطِلًا لَا خِيَارَ لِأَحَدٍ فِي تَصْحِيحِهِ، فَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ وَقَعَ صَحِيحًا، ثُمَّ جَعَلَ تَعَالَى لِلْمُشْتَرِي رَدَّهُ إنْ شَاءَ.

فَصَحَّ أَنَّ الْغَلَّةَ لَهُ رَدَّ أَوْ أَخَذَ لِأَنَّهَا حَدَثَتْ فِي مَالِهِ.

وَوَجَدْنَا مَنْ تَلَقَّى السِّلَعَ فَابْتَاعَ، وَإِنْ كَانَ مَنْهِيًّا عَنْ ذَلِكَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَجْعَلْ لِلْبَائِعِ خِيَارًا إلَّا بَعْدَ دُخُولِهِ إلَى السُّوقِ، وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ خِيَارًا، فَصَحَّ أَنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ، وَإِنْ كَانَ مَنْهِيًّا عَنْ التَّلَقِّي، وَلَمْ يَنْهَ عَنْ الِابْتِيَاعِ؛ لِأَنَّ التَّلَقِّيَ غَيْرُ الِابْتِيَاعِ فَهُمَا فِعْلَانِ، أَحَدُهُمَا غَيْرُ الْآخَرِ نَهَى عَنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يَنْهَ عَنْ الْآخَرِ، لَكِنْ جُعِلَ لِلْبَائِعِ خِيَارٌ فِي رَدِّهِ أَوْ إمْضَائِهِ وَلَوْ وَقَعَ فَاسِدًا لَبَطَلَ جُمْلَةً.

فَوَجَبَ بِذَلِكَ أَنَّ الْعِلَّةَ لِلْمُشْتَرِي فِي رَدِّ الْبَائِعِ الْبَيْعَ، أَوْ إجَازَتِهِ.

وَوَجَدْنَا مَنْ وَجَدَ عَيْبًا لَمْ يُبَيَّنْ لَهُ بِهِ، وَلَا شَرَطَ السَّلَامَةَ مِنْهُ، لَهُ الْخِيَارُ أَيْضًا فِي إمْضَاءِ الْبَيْعِ أَوْ رَدِّهِ، فَعَلِمْنَا أَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ صَحِيحًا، إذْ لَوْ وَقَعَ فَاسِدًا لَمْ يَجُزْ إمْضَاؤُهُ، فَوَجَبَ أَيْضًا أَنَّ الْغَلَّةَ لَهُ، رَدَّ أَوْ أَخَذَ.

وَبَقِيَ أَمْرُ الشَّفِيعِ فَوَجَدْنَاهُ بِخِلَافِ كُلِّ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْبُيُوعِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ نَصٌّ بِالْمَنْعِ مِنْ الْبُيُوعِ الْمَذْكُورَةِ، بَلْ جَاءَ النَّصُّ بِإِجَازَتِهَا كَمَا قَدَّمْنَا، وَبَانَ الدَّلِيلُ بِأَنَّهَا وَقَعَتْ صَحِيحَةً.

وَوَجَدْنَا مَنْ يُمْكِنُهُ إيذَانُ شَرِيكِهِ فَقَدْ جَاءَ النَّصُّ بِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ حَتَّى يُؤْذِنَهُ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ إلَّا هَذَا اللَّفْظُ وَحْدَهُ لَوَجَبَ بُطْلَانُ الْعَقْدِ بِكُلِّ حَالٍ، لَكِنْ لَمَّا جَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الشَّرِيكَ أَحَقَّ، وَأَبَاحَ لَهُ الْأَخْذَ أَوْ التَّرْكَ: وَجَبَ أَنَّهُ مُرَاعًى كَمَا ذَكَرْنَا، فَإِنْ أَخَذَ

<<  <  ج: ص:  >  >>