للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ نَظَرْنَا فِي خَبَرِ الْحَسَنِ فَوَجَدْنَاهُ مُرْسَلًا، ثُمَّ لَيْسَ فِيهِ إلَّا أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَضَى بِالْجِوَارِ وَلَيْسَ فِي هَذَا مِنْ الشُّفْعَةِ أَثَرٌ وَلَا عِثْيَرٌ وَلَا إشَارَةٌ وَكَمَا ذَكَرْنَا قَبْلُ.

ثُمَّ نَظَرْنَا فِي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ فَوَجَدْنَاهُ أَيْضًا مُرْسَلًا، ثُمَّ لَيْسَ فِيهِ إلَّا الشَّرِيكُ أَوْلَى بِصَقَبِهِ، وَهَذَا لَا نُنْكِرُهُ، بَلْ نَقُولُ بِهِ.

ثُمَّ نَظَرْنَا فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ فَوَجَدْنَاهُ لَا مُتَعَلَّقَ لَهُمْ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إلَّا الْجَارُ أَحَقُّ بِصَقَبِهِ، وَلَيْسَ فِيهِ لِلشُّفْعَةِ ذِكْرٌ وَلَا أَثَرٌ.

وَقَدْ حَدَّثَنَا حُمَامُ نا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبُغَ نا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ نا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ نا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن يَعْلَى بْن كَعْبٍ الثَّقَفِيّ قَالَ: سَمِعْت عَمْرَو بْنَ الشَّرِيدِ يُحَدِّثُ عَنْ الشَّرِيدِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْمَرْءُ أَحَقُّ وَأَوْلَى بِصَقَبِهِ قُلْتُ لِعَمْرٍو: مَا صَقَبُهُ؟ قَالَ: الشُّفْعَةُ، قُلْت: زَعَمَ النَّاسُ أَنَّهَا الْجِوَارُ؟ قَالَ: النَّاسُ يَقُولُونَ ذَلِكَ» فَهَذَا رَاوِي الْحَدِيثِ عَمْرُو بْنُ الشَّرِيدِ لَا يَرَى الشُّفْعَةَ بِالْجِوَارِ، وَلَا يَرَى لَفْظَ مَا رُوِيَ يَقْتَضِي ذَلِكَ فَبَطَلَ كُلُّ مَا مَوَّهُوا بِهِ.

ثُمَّ لَوْ صَحَّتْ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ بِبَيَانٍ وَاضِحٍ أَنَّ الشُّفْعَةَ لِلْجَارِ لَكَانَ حُكْمُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَقَوْلُهُ، وَقَضَاؤُهُ «فَإِذَا وَقَعَتْ الْحُدُودُ وَصُرِّفَتْ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ» يَقْضِي عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ وَيَرْفَعُ الْإِشْكَالَ، فَكَيْفَ وَلَا بَيَانَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا كَمَا ذَكَرْنَا، وَأَكْثَرُهَا لَا يَصِحُّ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَشْتَغِلَ بِهَا لِسُقُوطِ طُرُقِهَا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

وَمِنْ عَظِيمِ إقْدَامِ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي زَمَانِهِمْ وَأَدْيَانِهِمْ وَعِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى قَوْلُ بَعْضِهِمْ فِي الثَّابِتِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ قَوْلِهِ «فَإِذَا وَقَعَتْ الْحُدُودُ وَصُرِّفَتْ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ» أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَيْتَ شِعْرِي أَيْنَ وَجَدُوا هَذَا؟ وَمَنْ أَخْبَرَهُمْ بِهِ؟ وَالْقَوْمُ قَدْ رَزَقَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ اسْتِسْهَالِ الْكَذِبِ فِي الدِّينِ حَظًّا وَافِرًا وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ مِثْلِهِ.

وَقَالُوا فِيمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد نا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ نا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ نا ابْنُ إدْرِيسَ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَوْ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَوْ عَنْهُمْ جَمِيعًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا قُسِّمَتْ الْأَرْضُ وَحُدَّتْ فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا.»

قَالُوا: نَعَمْ لَيْسَتْ الْقِسْمَةُ وَلَا التَّحْدِيدُ مُوجِبَيْنِ فِيهَا شُفْعَةً، إنَّمَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>