للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْبَيْعِ، فَكَانَ هَذَا بُرْهَانًا قَوِيًّا عَلَى عَدَمِ الْحَيَاءِ مِنْ وَجْهِ قَائِلِهِ فَقَطْ وَقَدْ أَعَاذَ اللَّهُ رَسُولَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِالسُّخْفِ وَبِمَا لَا مَعْنَى لَهُ.

وَقَدْ عَلِمَ كُلُّ ذِي حِسٍّ سَلِيمٍ أَنَّ الشُّفْعَةَ لَا مَدْخَلَ لَهَا فِي الْقِسْمَةِ فَكَيْفَ تَكُونُ الشُّفْعَةُ فِي أَرْضٍ قُسِّمَتْ؟ أَتَرَى أَحَدَهُمَا يَأْخُذُ مَالَ صَاحِبِهِ مُصَادَمَةً؟ هَذَا مُحَالٌ.

فَكَيْفَ وَهُوَ خَبَرٌ مُسْنَدٌ، مَرَّةً ذَكَرَ الثِّقَاتُ هَذَا اللَّفْظَ وَحْدَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَرَّةً أَضَافُوهُ إلَى لَفْظٍ آخَرَ لَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -

كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ قَاسِمِ بْنِ أَصْبَغَ نا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُمَرِيُّ نا أَبُو إبْرَاهِيمَ يَحْيَى بْنُ أَبِي قَتِيلَةَ الْمَدَنِيُّ نا مَالِكٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الشُّفْعَةُ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ فَإِذَا وَقَعَتْ الْحُدُودُ فَلَا شُفْعَةَ» .

فَظَهَرَ فَسَادُ الْأَقْوَالِ الْمَذْكُورَةِ، فَأَشَدُّهَا فَسَادًا أَقْوَالُ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ خَالَفَ جَمِيعَ الْأَخْبَارِ، وَلَمْ يَتَعَلَّقْ لَا بِخَبَرٍ صَحِيحٍ، وَلَا بِرِوَايَةٍ سَقِيمَةٍ، وَلَا بِقَوْلِ صَاحِبٍ، بَلْ خَالَفَ كُلَّ رِوَايَةٍ جَاءَتْ فِي ذَلِكَ عَنْ صَاحِبٍ؛ لِأَنَّ الرِّوَايَةَ عَنْهُمْ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - كَمَا قَدَّمْنَا عَنْ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ أَنَّ الْحُدُودَ تَقْطَعُ الشُّفْعَةَ.

وَرِوَايَةً عَنْ عُمَرَ بِالشُّفْعَةِ لِلْجَارِ وَزَادَ بَعْضُهُمْ الْمُلَازِقِ، وَلَا تُعْرَفُ هَذِهِ اللَّفْظَةُ، وَحَتَّى لَوْ صَحَّتْ فَقَدْ جَاءَ عَنْهُ لِلْجَارِ جُمْلَةً، فَهِيَ زِيَادَةٌ عَلَى الْمُلَازِقِ.

وَعَنْ سَعِيدٍ، وَأَبِي رَافِعٍ وَلَمْ يَذْكُرَا أَنْ لَا شُفْعَةَ لِجَارٍ بَيْنَهُمَا طَرِيقٌ غَيْرُ مُتَمَلَّكٍ، لَا عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ.

وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ: فَإِنَّهُمْ تَعَلَّقُوا بِهَذَا الْخَبَرِ وَبِمِثْلِهِ مِمَّا فِيهِ «فَإِذَا وَقَعَتْ الْحُدُودُ وَصُرِّفَتْ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ» ؟ فَقُلْنَا: إنَّ حَدِيثَ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ فِيهِ «إذَا وَقَعَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>