وَلَا تُمَوِّهُوا بِمَا رُوِيَ مِنْ أَنَّهُ كَانَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِكْرٌ فَقَضَاهُ، فَإِنَّهُ صَحَّ أَنَّهُ كَانَ قَرْضًا كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي " كِتَابِ الْقَرْضِ " مِنْ دِيوَانِنَا هَذَا.
وَكَذَلِكَ «ابْتِيَاعُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْعَبْدَ الَّذِي هَاجَرَ إلَيْهِ بِعَبْدَيْنِ وَصَفِيَّةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ بِسَبْعَةِ أَرْؤُسٍ» : فَكُلُّ ذَلِكَ كَانَ نَقْدًا.
وَلَقَدْ كَانَ يَلْزَمُ الْمَالِكِيِّينَ الْمُحْتَجِّينَ بِخَبَرِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ فِي أَنَّ الْعُمْرَةَ تَطَوُّعٌ، وَبِتِلْكَ الْمَرَاسِيلِ وَالْبَلَايَا أَنْ يَقُولُوا: بِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ نا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ أَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، وَخَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ كُلُّهُمْ قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً» .
وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْحَيَوَانُ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ لَا بَأْسَ بِهِ يَدًا بِيَدٍ وَلَا خَيْرَ فِيهِ نَسَاءٌ» .
وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ نا مَعْمَرٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً» ، وَهَذَا مِنْ أَحْسَنِ الْمَرَاسِيلِ فَخَالَفَهُ الْمَالِكِيُّونَ جُمْلَةً.
وَأَجَازُوا الْحَيَوَانَ كُلَّهُ بِالْحَيَوَانِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ نَسِيئَةً.
وَأَجَازُوهُ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ إذَا اخْتَلَفَتْ أَوْصَافُهُ بِتَخَالِيطَ لَا تُعْقَلُ.
وَنَسِيَ الْحَنَفِيُّونَ قَوْلَهُمْ: إنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الزَّكَاةُ فِي السَّائِمَةِ» دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ غَيْرَ السَّائِمَةِ لَا زَكَاةَ فِيهَا، فَهَلَّا قَالُوا هَاهُنَا: نَهْيُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَنْ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْعُرُوضِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً، وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ.
وَأَجَازَ الْحَنَفِيُّونَ الْمُكَاتَبَةَ عَلَى الْوُصَفَاءِ، وَإِصْدَاقَ الْوُصَفَاءِ فِي الذِّمَّةِ وَمَنَعُوا مِنْ السَّلَمِ فِي الْوُصَفَاءِ فَقَالُوا: النِّكَاحُ يَجُوزُ فِيهِ مَا لَا يَجُوزُ فِي الْبُيُوعِ؟ قُلْنَا: وَالسَّرِقَةُ حُكْمُهَا غَيْرُ حُكْمِ النِّكَاحِ، وَقَدْ قِسْتُمْ مَا يَكُونُ صَدَاقًا عَلَى مَا تُقْطَعُ فِيهِ الْيَدُ، وَمَا فِي حُكْمٍ إلَّا، وَهُوَ يُخَالِفُ سَائِرَ الْأَحْكَامِ ثُمَّ لَمْ يَمْنَعْكُمْ ذَلِكَ مِنْ قِيَاسِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ حَيْثُ اشْتَهَيْتُمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute