مَنَعَكَ يَا فُلَانُ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَ الْقَوْمِ؟ قَالَ: أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ وَلَا مَاءَ، قَالَ: عَلَيْكَ بِالصَّعِيدِ فَإِنَّهُ يَكْفِيكَ» ثُمَّ ذَكَرَ فِي حَدِيثِهِ ذَلِكَ أَمْرَ الْمَاءِ الَّذِي أَحْدَثَهُ اللَّهُ تَعَالَى آيَةً لِنَبِيِّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ: " وَكَانَ آخِرُ ذَلِكَ أَنْ «أَعْطَى الَّذِي أَصَابَتْهُ الْجَنَابَةُ إنَاءً مِنْ مَاءٍ، وَقَالَ: اذْهَبْ فَأَفْرِغْهُ عَلَيْكَ» .
حَدَّثَنَا حَمَامٌ ثنا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ ثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ النَّيْسَابُورِيُّ بِبَغْدَادَ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ ثنا أَبِي ثنا إسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ ثنا أَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ عَنْ «عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ قَالَ كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي الْقَوْمِ جُنُبٌ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَيَمَّمَ وَصَلَّى، ثُمَّ وَجَدْنَا الْمَاءَ بَعْدُ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَغْتَسِلَ وَلَا يُعِيدَ الصَّلَاةَ» وَقَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَ حُذَيْفَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَجُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا إذَا لَمْ نَجِدْ الْمَاءَ» .
فَصَحَّ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ أَنَّ الطَّهُورَ بِالتُّرَابِ إنَّمَا هُوَ مَا لَمْ يُوجَدْ الْمَاءُ، وَهَذَا لَفْظٌ يَقْتَضِي أَنْ لَا يَجُوزَ التَّطَهُّرُ بِالتُّرَابِ إلَّا إذَا لَمْ يُوجَدْ الْمَاءُ، وَيَقْتَضِي أَنْ لَا يَصِحَّ طَهُورٌ بِالتُّرَابِ إلَّا أَنْ لَا نَجِدَ الْمَاءَ إلَّا لِمَنْ أَبَاحَ لَهُ ذَلِكَ نَصٌّ آخَرُ، وَإِذَا كَانَ هَذَا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَخُصَّ بِالْقَبُولِ أَحَدَ الْمَعْنَيَيْنِ دُونَ الْآخَرِ، بَلْ فَرَضَ الْعَمَلَ بِهِمَا مَعًا، وَصَحَّحَ هَذَا أَيْضًا أَمْرُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - الْمُجْنِبَ بِالتَّيَمُّمِ بِالصَّعِيدِ وَالصَّلَاةِ، ثُمَّ أَمْرُهُ عِنْدَ وُجُودِ الْمَاءِ بِالْغُسْلِ، فَصَحَّ مَا قُلْنَاهُ نَصًّا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ.
وَالْمَوْضِعُ الثَّانِي: إنْ وَجَدَ الْمَاءَ بَعْدَ الصَّلَاةِ أَيُعِيدُهَا أَمْ لَا؟ فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَعَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَالشَّعْبِيُّ وَالْحَسَنُ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: إنَّهُ يُعِيدُ مَا دَامَ فِي الْوَقْتِ.
رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُمَحِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَعَنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ يُونُسَ عَنْ الْحَسَنِ، وَمِنْ طَرِيقِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ شَيْبَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ الشَّعْبِيِّ، وَمِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ عَطَاءٍ، وَمِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ طَاوُسٍ.
وَقَالَ مَالِكٌ: الْمُسَافِرُ وَالْمَرِيضُ وَالْخَائِفُ يَتَيَمَّمُونَ فِي وَسَطِ الْوَقْتِ، فَإِنْ تَيَمَّمُوا وَصَلَّوْا ثُمَّ وَجَدُوا الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ فَإِنَّ الْمُسَافِرَ لَا يُعِيدُ، وَأَمَّا الْمَرِيضُ وَالْخَائِفُ فَيُعِيدَانِ الصَّلَاةَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute