فَهَذِهِ آثَارٌ مُتَوَاتِرَةٌ لَا يَسَعُ أَحَدًا الْخُرُوجُ عَنْهَا، وَأَخَذَ بِذَلِكَ مِنْ الصَّحَابَةِ ابْنُ عُمَرَ كَمَا ذَكَرْنَا آنِفًا وَأَبُوهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ -: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ نَا عَمْرُو بْنُ مَنْصُورٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، كِلَاهُمَا عَنْ الْحَكَمِ بْنِ نَافِعٍ - هُوَ أَبُو الْيَمَانِ - نَا شُعَيْبٌ - هُوَ ابْنُ أَبِي حَمْزَةَ - عَنْ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ أَنَّ حُوَيْطِبَ بْنَ عَبْدِ الْعُزَّى أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ السَّعْدِيِّ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ لِي فِي خِلَافَتِهِ: أَلَمْ أُحَدَّثْ أَنَّك تَلِي مِنْ أَعْمَالِ النَّاسِ أَعْمَالًا فَإِذَا أُعْطِيتَ الْعِمَالَةَ كَرِهْتهَا. قُلْت: إنَّ لِي أَفْرَاسًا وَأَعْبُدًا وَأَنَا بِخَيْرٍ، فَأُرِيدُ أَنْ تَكُونَ عِمَالَتِي صَدَقَةً عَلَى الْمُسْلِمِينَ قَالَ لَهُ عُمَرُ: فَلَا تَفْعَلْ - ثُمَّ ذَكَرَ لَهُ خَبَرَهُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - نَحْوَ مَا ذَكَرْنَاهُ
- فَهَذَا عُمَرُ يَنْهَى عَنْ رَدِّ مَا أُعْطِيَ الْمَرْءُ.
وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، نَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: مَا أَحَدٌ يُهْدِي إلَيَّ هَدِيَّةً إلَّا قِبْلَتُهَا، فَأَمَّا أَنْ أَسْأَلَ، فَلَمْ أَكُنْ لِأَسْأَلَ.
وَمِنْ طَرِيقِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ نَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ نَا وَاصِلٌ مَوْلَى أَبِي عُيَيْنَةَ عَنْ صَاحِبٍ لَهُ: أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ قَالَ: مَنْ آتَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ هَذَا الْمَالِ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ وَلَا إشْرَافٍ، فَلْيَأْكُلْهُ، وَلْيَتَمَوَّلْهُ
وَمِنْ طَرِيقِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُد - هُوَ الْخُرَيْبِيُّ - عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ: رَأَيْت هَدَايَا الْمُخْتَارِ تَأْتِي ابْنَ عَبَّاسٍ وَابْنَ عُمَرَ فَيَقْبَلَانِهَا.
وَمِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى نا أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ: خُذْ مِنْ السُّلْطَانِ مَا أَعْطَاك.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا مِنْ طَرِيقِ الْأَثَرِ، وَأَمَّا مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو مَنْ أَعْطَاهُ: سُلْطَانٌ أَوْ غَيْرُ سُلْطَانٍ، كَائِنًا مَنْ كَانَ، مِنْ بَرٍّ أَوْ ظَالِمٍ، مِنْ أَحَدِ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ لَا رَابِعَ لَهَا -: إمَّا أَنْ يُوقِنَ الْمُعْطَى أَنَّ الَّذِي أُعْطِي حَرَامٌ، وَإِمَّا أَنْ يُوقِنَ أَنَّهُ حَلَالٌ، وَإِمَّا أَنْ يَشُكَّ فَلَا يَدْرِي أَحَلَالٌ هُوَ أَمْ حَرَامٌ؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute