للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، وَرَبِيعَةَ، وَذَكَرَا: أَنَّهُ قَوْلُ عُلَمَائِهِمْ الَّذِينَ أَدْرَكُوا بِهِ وَكَانُوا يَقْضُونَ. وَذَكَرَهُ أَيْضًا عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سَيَّارٍ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَمَكْحُولٍ.

وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: أَجْمَعَ رَأْيُ الْقُضَاةِ عَلَى ذَلِكَ، إذْ رَأَوْا شُرُورَ النَّاسِ - وَبِهَذَا يَقُولُ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَأَصْحَابُهُمَا، وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: ٥٨] .

فَقُلْنَا لَهُمْ: فَضَمَّنُوا بِهَذِهِ الْآيَةِ الْوَدِيعَةَ فَقَدْ ضَمَّنَهَا عُمَرُ، وَغَيْرُهُ، وَنَعَمْ، هُوَ مَأْمُورٌ بِأَدَائِهَا مَا دَامَ قَادِرًا عَلَى أَدَائِهَا، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ، فَاَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦] فَإِذْ لَيْسَ فِي وُسْعِهِ أَدَاؤُهَا فَهُوَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ ذَلِكَ، وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ تَضْمِينٌ؛ لِأَنَّ أَدَاءَ الْغَرَامَةِ هُوَ غَيْرُ أَدَاءِ الْأَمَانَةِ، فَلَا مُتَعَلَّقَ لَكُمْ بِهَذِهِ الْآيَةِ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا أَدَاءُ غَيْرِهَا، وَلَا ضَمَانُهَا، وَاحْتَجُّوا بِمَا جَاءَ فِي أَدْرَاعِ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ، وَبِمَا رُوِيَ «الْعَارِيَّةُ مُؤَدَّاةٌ وَالزَّعِيمُ غَارِمٌ» وَكِلَاهُمَا: لَا يَصِحُّ -: أَمَّا خَبَرُ دُرُوعِ صَفْوَانَ، فَإِنَّنَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَّامٍ نا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ نا شَرِيكٌ - هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَاضِي - عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَعَارَ مِنْهُ يَوْمَ حُنَيْنٍ أَدْرَاعًا؛ فَقَالَ: غَصْبٌ يَا مُحَمَّدُ فَقَالَ: بَلْ عَارِيَّةٌ مَضْمُونَةٌ» شَرِيكٌ مُدَلِّسٌ لِلْمُنْكَرَاتِ إلَى الثِّقَاتِ، وَقَدْ رَوَى الْبَلَايَا وَالْكَذِبَ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ عَنْ الثِّقَاتِ.

وَمِنْ طَرِيقِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ نا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ نا نَافِعٌ عَنْ «صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّهُ اسْتَعَارَ مِنْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سِلَاحًا فَقَالَ: مَضْمُونَةٌ؟ قَالَ: مَضْمُونَةٌ» .

الْحَارِثِ مَتْرُوكٌ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ لَمْ يُدْرِكْ نَافِعًا، وَأَعْلَى مَنْ عِنْدَهُ شُعْبَةُ، وَلَا نَعْلَمُ لِنَافِعٍ سَمَاعًا مِنْ صَفْوَانَ أَصْلًا، وَاَلَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ: فَإِنَّ صَفْوَانَ مَاتَ أَيَّامَ عُثْمَانَ قَبْلَ الْفِتْنَةِ. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ عِيَاضٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ: «أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ أَعَارَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سِلَاحًا فَقَالَ: أَعَارِيَّةٌ مَضْمُونَةٌ أَمْ غَصْبٌ؟ فَقَالَ: بَلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>