للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقُلْنَا: وَمَا الْمَانِعُ مِنْ ذَلِكَ؟ فَقَالُوا: كَمَا لَا تَكُونُ امْرَأَةٌ بَعْضُهَا مُطَلَّقَةٌ، وَبَعْضُهَا زَوْجَةٌ.

فَقُلْنَا: هَذَا قِيَاسٌ وَالْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ.

ثُمَّ يَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنْ يَقُولُوا: إذَا وَقَعَ هَذَا أُعْتِقَ كُلُّهُ، كَمَا يَقُولُونَ فِي الْمَرْأَةِ إذَا طَلَّقَ بَعْضَهَا.

وَقَالُوا: هَذَا ضَرَرٌ عَلَى الشَّرِيكِ، وَقَدْ جَاءَ " لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ ".

فَقُلْنَا: افْتِرَاقُ الْمِلْكِ أَيْضًا ضَرَرٌ فَامْنَعُوا مِنْهُ، وَأَعْظَمُ الضَّرَرِ مَنْعُ الْمُؤْمِنِ مِنْ عِتْقِ حِصَّتِهِ.

وَأَمَّا مَنْ قَالَ بِالتَّقَاوُمِ فَخَطَأٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِهِ نَصٌّ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُجْبَرَ أَحَدٌ عَلَى إخْرَاجِ مِلْكِهِ عَنْ يَدِهِ إلَّا أَنْ يُوجِبَ ذَلِكَ عَلَيْهِ نَصٌّ - فَسَقَطَ هَذَا الْقَوْلُ أَيْضًا.

وَأَمَّا الْقَوْلُ الْمَأْثُورُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعَطَاءٍ، وَالزُّهْرِيِّ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَرَبِيعَةَ -: فَوَجَدْنَا مِنْ حُجَجِهِمْ مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ نا سُفْيَانُ - هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ - عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ: «أَنَّ بَنِي سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ كَانَ لَهُمْ غُلَامٌ فَأَعْتَقُوهُ كُلُّهُمْ إلَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ، فَذَهَبَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْتَشْفِعُ بِهِ عَلَى الرَّجُلِ فَوَهَبَ الرَّجُلُ نَصِيبَهُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَعْتَقَهُ، فَكَانَ يَقُولُ: أَنَا مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاسْمُهُ رَافِعُ أَبُو الْبَهَاءِ» .

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ لَمْ يَذْكُرْ مَنْ حَدَّثَهُ - ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَكَانَ ذَلِكَ عَلَى مَعْهُودِ الْأَصْلِ، وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ أَمْلَكُ بِمَالِهِ، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِأَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنْ يُعْتَقَ عَلَى الْمُوسِرِ وَيُسْتَسْعَى إنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُعْسِرًا - فَبَطَلَ بِهَذَا الْحُكْمِ مَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ بِلَا شَكٍّ.

وَقَالُوا: هُوَ قَوْلٌ صَحَّ عَنْ عُمَرَ وَلَمْ يَصِحَّ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ خِلَافُهُ.

فَقُلْنَا: عَارَضُوا بِهَذَا الْحَنَفِيِّينَ وَالْمَالِكِيِّينَ الَّذِينَ يَتْرُكُونَ السُّنَنَ لِأَقَلَّ مِنْ هَذَا، كَمَا فَعَلُوا فِي " الْبَيِّعَيْنِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا " وَفِي عِتْقِ صَفِيَّةَ وَجَعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عِتْقَهَا صَدَاقَهَا، وَتَوْرِيثِ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا فِي مَرَضِ الْمَوْتِ.

وَأَمَّا نَحْنُ فَلَا حُجَّةَ عِنْدَنَا فِي قَوْلِ أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَذَكَرُوا مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ نا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>